المزمور الثانى والأربعون
أرسل نورك وحقك فإنهما يهدياننى ويصعداننى إلى جبلك المقدس وإلى مسكنك فأدخل إلى مذبح الله تجاه وجه الله الذى يفرح شبابى
تكلمنا فى المقالات السابقة عن أن هذا المزمور يشير إلى كلام السيد المسيح _ كنائب عن البشرية _ والموجه إلى الاب السماوى وبعدما أشار إلى ظلم اليهود وخيانة يهوذا وإلى صلبه خارج مدينة أورشليم حيث كان هيكل الرب أى إلى صلبه خارج المحلة
وبقدر الإهانة والالام التى احتملها السيد المسيح بالحكم الظالم عليه من مجمع اليهود ومن الحاكم الرومانى الذى خضع لليهود بعدما أعلن براءة السيد المسيح وبقدر الإهانة والظلم التى لحقت به عندما صلب خارج المحلة لأنه حمل خطايا البشرية مثلما طرد اددم
الأول من الفردوس : إلا أنه كان يعلم أنه سوف يخرج من هذا الحال إلى أمجاد القيامة والصعود مثلما قال لتلميذى عمواس " كان ينبغى أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده " ( لو 26:24)
ويقول فى المزمور مخاطبا الاب السماوى " أرسل نورك وحقك " بالفعل كان ينبغى أن ينتصر النور على الظلمة وأن ينتصر الحق على الباطل وهذا ما شرحه القديس بولس الرسول فى رسالته الثانية إلى تلميذه تيموثاوس : " بمقتضى القصد والنعمة التى أعطيت لنا فى المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية وإنما أظهرت الان بظهور مخلصنا يسوع المسيح الذى أبطل الموت وأنار الحياة والخلود " ( 2تى 9:1"10)
بالفعل لقد أبطل السيد المسيح الموت بقيامته المجيدة وأنار الحياة والخلود ولا عجب فهو الذى قال " أنا هو القيامة والحياة " ( يو 11:25)
لقد داس الموت وأبطل عز الموت وأظهر الحياة الأبدية فى شخصه القائم من الأموات وسمح لتلاميذه أن يلمسوا جسده بعد القيامة ليتأكدوا من حقيقة الحياة بعد الموت والحياة المتحررة من الموت
وتغنى القديس يوحنا الرسول بهذه الأمور فقال " الذى كان من البدء الذى سمعناه الذى رأيناه بعيوننا الذى شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة فإن الحياة أظهرت ( 1يو1:1"2)
ويسترسل القول فى المزمور فيقول عن النور والحق الإلهى " فإنهما يهدياننى ويصعداننى إلى جبلك المقدس وإلى مسكنك "
صعود السيد المسيح
بعد قيامة السيد المسيح بأربعين يوما أخذ تلاميذه وصعد بهم إلى جبل الزيتون ( أنظر أع 12:1) " ورفع يديه وباركهم وفيما هو يباركهم انفرد عنهم و أصعد إلى السماء " ( لو 24: 50"51)
من جهة المرنم فإنه يقول للرب " يصعداننى إلى جبلك المقدس وإلى مسكنك فالجبل هذا يعنى جبل صهيون والمسكن يعنى هيكل الرب فى أورشليم
أما من جهة السيد المسيح فالجبل يعنى جبل الزيتون أى جبل الصعود والمسكن يعنى ملكوت السماوات حيث عرش الاب السماوى وحيث المقدس السماوى الذى نصبه الرب لا إنسان وتكلم عنه بولس الرسول فى رسالته إلى العبرانيين بقوله " وأما المسيح وهو قد جاء رئيس كهنة للخيرات العتيدة فبالمسكن الأعظم والأكمل غير المصنوع بيد أى الذى ليس من هذه الخليقة وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداء أبديا "( عب 11:9"12)
وفى مقارنته لهيكل الرب فى أورشليم وللمسكن السماوى يقول فى نفس الرسالة " فكان يلزم أن أمثلة الأشياء التى فى السماوات تطهر بهذه وأما السماويات عينها فبذبائح أفضل من هذه لأن المسيح لم يدخل إلى أقداس مصنوعة بيد أشباه الحقيقة بل إلى السماء عينها ليظهر الان أمام وجه الله لأجلنا " ( عب 23:9"24) وقال أيضا فى نفس الرسالة " وأما رأس الكلام فهو : أن لنا رئيس كهنة مثل هذا قد جلس فى يمين عرش العظمة فى السماوات خادما للأقداس والمسكن الحقيقى الذى نصبه الرب لا إنسان " ( عب 1:8"2)
فادخل إلى مذبح الله تجاه وجه الله الذى يفرح شبابى
يقول معلمنا بولس الرسول عن دخول السيد المسيح إلى المقدس السماوى ليظهر أمام وجه الله لأجلنا ويقول المزمور عن دخوله إلى مسكن الرب تجاه وجه الله والمقصود أن الاب ينظر إلى الابن الذى يقوم فى المقدس السماوى كحمل مذبوح وكلمة بروسوبون Prosopon اليونانية التى تشير إلى كل أقنوم من الأقانيم الثلاثة مركبة من كلمتين : بروس PROS بمعنى نحو و أوبس Ops
بمعنى وجه فيكون المعنى الإجمالى نحو وجه أى أن كل أقنوم يتجه نحو وجه الاخر بالحب والتقدير والإعجاب فالابن هو موضوع سرور الاب قبل الأزمنة الأزلية _ كما يقول القديس أثناسيوس الرسولى _ لأنه يرى فيه كل كمالات الجوهر الإلهى الواحد
وبإتمامه الفداء فإن الحمل المذبوح يشفع فينا كل حين بدم نفسه أمام الاب أنظر ( 1 يو 1:2"2) ويفرح بغفران الخطايا للذين يتشفعون بدمه لأنهم سوف يرثون ملكوت الله وها هو الحمل القائم من الأموات يعلن الحياة الجديدة ويعبر عن ذلك كله فى المزمور بأن وجه الله يفرح شبابه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب تعليقك اذا كان لديك أى تسائل عن الموضوع وسنجيبك فور مشاهده تعليقك