2020/09/19

المجتمع العمالى ( الصناعى )

 


كما تحدثنا سابقا أن تصنيف المجتمعات معناه تقسيم على أسس معينة وعملية التصنيف هامة جدا لدراسة طائفة من الأشكال المتجانسةفى خواصها ومميزاتها وتحليل عناصرها حتى يمكن ردها غالبا إلى نموذج روحى اجتماعى وإجتماعى واحد . وذلك لسهولة الوقوف على طبيعتها وكشف مقوماتها وتحليل خصائصها والتعرف على مبلغ التطور الذى خضع له كل نموذج والقوى المؤثرة فى تطوره والنظم التى إستحدثها فى كل مرحلة ومبلغ ثباتها وتغيرها وأثر ذلك فى تغيير الشكل والسلوك والروحى والإجتماعى بصفه عامه 

وقد قمنا فى مقالات سابقة بتصنيف مجتمعات الخدمة حسب مفهومنا وخدمتنا الكنيسة إلى 

قروية                        حضرية                         عشوائية 

عمالية (صناعية )                                           بدوية 

المهجر                                                  الكرازة 

وقد عرض علماء الإجتماع تصنيفات كثيرة ومختلفة وسبب هذا الإختلاف هو عدم الإتفاق على أسس معينة ومبادئ مشتركة يقيمون عليها نصا بينهم . فلكل منهم تصنيف خاص وإتجاه معين 

وعندما نعرض لدراسة المجتمع العمالى نجد أن هذا المجتمع لا تتحد له ملامح ثابته ومتميزة فى مجتمعنا المصرى القبطى . وذلك لأن هذا المجتمع العمالى مقسم فى حياته اليومية وحدوده وعمله بين مجتمعات الحضر والريف والعشوائيات وهنا لا يمكننا أن نرسم حدودا فاصلة بين المجتمعات الصناعية والمجتمعات الأخرى 

ونجد فى مجتمعنا هذا التداخل بين المجتمعات الأخرى فالمجتمع العمالى متداخل مع الزراعى والحضرى والعشوائى وفى خارج مصر يتداخل مع مجتمع الهجرة من جهه ومن جهه أخرى أن هذه التقسيمات لم يظهر تأثيرها وخطورتها إلا فى العقود الأخيرة الأربعة من القرن العشرين بعد ظهور بعض المناطق الصناعية المنافسة للمجتمعات الأخرى فمثلا المنطقة الصناعية بكفر الدوار متاخمة ومتداخلة مع مناطق الريف والحضر والعشوائيات وهذا حال منطقة المحلة الكبرى المصنفة صناعية وكذلك منطقة شبرا الخيمة وهى مناطق صناعية هامة فى المجتمع المصرى والأقباط لهم تواجد كبير فيها 

وإذا أردنا أن نوجز بعض الملامح فى المجتمع العمالى ( الصناعى ) الذى يتميز عن المجتمع الريفى الذى يعتبر اللبنه الأولى فى مجتمعنا حيث أن مصر هى بلد زراعى فى الأساس نجد الاتى 

إذا كان المجتمع الزراعى يرى أن حياة الجماعة والمشاركة اليومية قائمة ومستقرة الا أن المجتمع الصناعى عبارة عن تركيب إجتماعى يتكون من أجزاء كثيرة ومتعددة قدموا من بلاد مختلفة ففيه المجتمع ينقسم الى مجتمعات كثيرة ( مصانع ) هيئات ومؤسسات متعددة ( مثل النقابات ) علاوة على الأعمال الصناعية والحرفية الحرة (قطاع خاص ) 

ولذلك المشاركات الوجدانية غير متكاملة والمعاملات والعلاقات الفردية قائمة على الحذر والحرص والمنفعة الخاصة 

نتيجة لذلك نرى فى القرية المجتمع المحلى يخضع لسلطات الأسرة والدين والعادات والتقاليد . بينما يخضع المجتمع العمالى لقوة القانون والروابط المهنية والمؤسسية ( مثل النقابات ) 

فى مجتمع القرية تسيطر عليه العواطف والمشاركة فى الحفلات والمناسبات الإجتماعية ( فرح _ حزن _ مناسبات دينية وإجتماعية ) 

إلا أن المجتمع العمالى يسيطر عليه التفكير التقليدى القائم على المصلحة الخاصة وعلى الحذر المتبادل والتشكك فى القريب ( هل سيأخذ رزقه أو يتفوق عليه فى المصنع ) لذلك نجد الصراع والتنافس وإنتشار الرغبات الخاصة منتشرة والتى تولد المنازعات 

لذلك نجد أن التطور الحديث وإرتقاء الحياة الإجتماعية وتفاعلها تضر الكثير من الروابط المحلية وتقلل من روح التدين والمودة والروابط الأسرية ( القبلية ) 

أثر ذلك أيضا فى إنتقال الأفراد والجماعات من حياة محلية ضيقة النطاق ( فى القرية ) إلى حياة إجتماعية عامة يريد أن يتعرف من خلالها على جماعات كثيرة تحمل مناهج فكرية متعددة 

وفوق كل هذا أن المجتمع العمالى يميل دائما إلى تمجيد الالة ( الميكنة ) والعنصر البشرى الذى يظهر فيما تصنعه الاله والعامل من منتجات . بينما القروى يضع البذرة ويطلب من الرب أن ينمى الزرع وينتظر الثمر فهو يميل إلى حياة الإيمان والإتكال على الرب وهذا يجعل فارقا كبيرا فى منهج خدمة المجتمعات العمالية 

علاوة على أن هناك مؤثرات أخرى مثل حياة العامل فى مناطق بها وسائل المعيشة الحديثة وما لها من تأثير والصداقات المختلفة تجعل الفرصة متاحة لإنتشار كثير من الممارسات المنحرفة مثل الإدمان والتعرض للجريمة والعادات الرديئة ... 

وقد تعرضنا لكثير من هذة الملامح والمشكلات فى المجتمعات السابقة وما ينطبق عليها ينطبق على المجتمعات العمالية 

لذلك نرجع بك يا عزيزى الخادم إلى ما قلناه عن خصائص هذة المجتمعات ومسئولية الكنيسة وما يجب أن تقوم به من خدمات ومؤسسات وكذلك كيفية إعداد الخادم المناسب لهذة الخدمات 

وهنا أضيف أمرا هام جدا وهو ضرورة إعداد الخدام إعدادا متخصصا لكل مجتمع حتى يتفهم الخادم ملامح كل مجتمع وكيفية خدمته وطريقة التعامل مع مشاكله 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك اذا كان لديك أى تسائل عن الموضوع وسنجيبك فور مشاهده تعليقك

إعلان1
إعلان2
إعلان3