2020/08/29

المسيح فى سفر المزامير

 



( المزمور 42 (43 فى البيروتية ) 
احكم لى يارب وانتقم لمظلمتى مع أمة غير بارة ومن إنسان ظالم وغاش نجنى 

+
مقصةد فى هذه النبوة بعبارة " أمة غير بارة " أى الأمة اليهودية التى طالبت الوالى الرومانى بيلاطس بصلب السيد المسيح 

+
مقصود بالإنسان الظالم والغاش يهوذا الإسخريوطى أحد تلاميذ السيد المسيح الذى سلمه لليهود فى ليلة صلبه فى مقابل ثلاثين من الفضة ؟ 

+
والنبوة فى هذ المزمور تشير أيضا إلى الظلم الذى أوقعه الشيطان على السيد المسيح بمؤامرة الحكم عليه بالموت صلبا وهو برئ 

فقد ورد فى الإنجيل أن الشيطان كان قد ألقى فى قلب يهوذا سمعان الإسخريوطى أن يسلم المسيح ( انظر يو 2:13) وهكذا دفع الشيطان أيضا رؤساء كهنة اليهود مع مجمعهم أن يحكموا عليه بالموت ثم أن يقوموا بتسليمه للوالى الرومانى مطالبين بصلبه 

ولكن كل ذلك قد حدث بسماح من الله لتدبير الخلاص ولفضح حماقة الشيطان الأمر الذى تم بالتدبير الإلهى " بكل حكمة وفطنة " ( أف 8:1) فى إطار الصراع بين ملكوت الله ومملكة إبليس أى بين الخير والشر 

ولإيضاح بعض جوانب هذا الأمر نقول 
أولا : أن التجسد الإلهى فاق فهم الشيطان : لذلك قال معلمنا بولس الرسول " وبالإجماع عظيم هو سر التقوى : الله ظهر فى الجسد (1 تى 16:3) هذا السر العجيب الذى أعلنه الله لقديسيه يقول عنه أيضا معلمنا بولس الرسول " وأنير الجميع فى ما هو شركة السر المكتوم منذ الدهور فى الله خالق الجميع بيسوع المسيح لكى يعرف الان عند الرؤساء والسلاطين فى السماويات بواسطة الكنيسة بحكمة الله المتنوعة حسب قصد الدهور الذى صنعه فى المسيح سوع ربنا " ( اف 9:3"11) إن سر التجسد الإلهى يشمل أيضا تدبير الفداء ومصالحة المفديين مع الاب السماوى   ومصالحة السمائيين مع الأرضيين ومصالحة اليهود مع الأمم فى شركة الحياة الجديدة فى المسيح وإعلان حب الله الغير موصوف وحكمته الفائقة حتى أن الملائكة أنفسهم ينتفعون من مشاهدة ما تفعله النعمة الإلهية فى خلاص البشر وقد عبر القديس بولس الرسول عن أهمية فهم المؤمنين لهذه الحقائق بقوله لأهل أفسس " بسبب هذا أحنى ركبتى لدى أبى ربنا يسوع المسيح الذى منه تسمى كل عشيرة فى السماوات وعلى الأرض لكى يعطيكم بحسب غنى مجده أن تتأيدوا بالقوة بروحه فى الإنسان الباطن ليحل المسيح بالإيمان فى قلوبكم وأنتم متأصلون ومتإأسسون فى المحبة حتى تستطيعوا أن تدركوا مع جميع القديسين ماهو العرض والطول والعمق والعلو وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة لكى تمتلؤا إلى كل ملئ الله ( أف 14:3"19) 

ثانيا : إن خلاء الذات بالنسبة للابن الوحيد الجنس فاق تصور الشيطان : لأن الابن الوحيد الجنس قد أخفى مجده الإلهى حينما تجسد ملتحفا بالناسوتية 
أخفى السيد المسيح  لاهوته عن الشيطان فى الأفعال التى قصد بها إثبات إنسانيته الحقيقية وتقديس طبيعتنا البشرية فى شخصه الإلهى كقول القديس إغريغوريوس الناطق بالإلهيات : " باركت طبيعتى فيك " وم أمثلة ذلك طاعة السيد المسيح الكاملة للاب السماوى والتى عبر عنها معلمنا بولس الرسول فى رسالته إلى العبرانيين بقوله عن المسيح : " الذى فى أيام جسده إذ قدم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت وسمع له من أجل تقواه مع كونه ابنا تعلم الطاعة مما تألم به " ( عب 7:5"8) 

لقد شابهنا السيد المسيح فى كل شئ ما خلا الخطية وحدها ولكن الشيطان لم يفهم معنى إخلاء السيد المسيح لذاته : " الذى إذ كان فى صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله لكنه أخلى نفسه اخذا صورة عبد صائرا فى شبه الناس وإذ وجد فى الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب " ( فى 6:2_8) 
ومن الأمثلة القوية لعدم فهم الشيطان لإخلاء الابن الوحيد لذاته هو عدم فهمه لقول السيد المسيح لتلاميذه عن معرفة اليوم الأخير أى يوم الدينونة : " وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين فى السماء ولا الابن إلا الاب " ( مر 32:13) 

إن قول الابن الكلمة ( اللوغوس ) عن نفسه أنه لا يعلم فاق كل تصور الشيطان الذى كان يتباهى بالمعرفة كواحد من الكاروبيم قال الله للشيطان : قد ارتفع قلبك لبهجتك أفسدت حكمتك لأجل بهائك .... بكثرة تجارتك ملأوا جوفك ظلما فأخطأت " ( حز 17:28"16) 


كان إتضاع السيد المسيح يسير فى اتجاه مضاد تماما لكل مفاهيم وتطلعات إبليس الذى قال فى قلبه : " أصعد إلى السماوات أرفع كرسيى فوق كواكب الله وأجلس على جبل الاجتماع فى أقاصى الشمال أصعد فوق مرتفعات السحاب أصير مثل العلى " ( اش 13:14"14) 
وبنفس المفهوم أسقط إبليس البشرية بقوله لحواء عن الأكل من ثمر شجرة معرفة الخير والشر : " لن تموتا بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر " ( تك 4:3"5) 
وجاء السيد المسيح " المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم ( كو 3:2) ليقول عن نفسه أنه لا يعرف ما يعرفه الاب وهو يقصد أنه بحسب ناسوته أى بصفة من صفات طبيعته البشرية لا يعرف إذ أخلى نفسه من هذه المعرفة ناسوتيا ولكنه طبعا من حيث لاهوته يعرف كل شئ مثلما كان مثلا بحسب الجسد موضوعا فى القبر بعد موته على الصليب وبحسب لاهوته هو حى لا يموت وبقدرته الإلهية انتصر على الموت وقام حيا _ بنفس جسده المصلوب _ من الأموات 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك اذا كان لديك أى تسائل عن الموضوع وسنجيبك فور مشاهده تعليقك

إعلان1
إعلان2
إعلان3