2020/08/10

مستنيرة عيون أذهانكم

 انجيل المولود أعمى .والأستنارة هى انفتاح عيون الذهن على حقائق وأسرار الملكوت . وإن كان سر المعمودية يسمى سر الاستنارة إلا أنه لا يعنى أن الطفل صار مستنيرا بالكمال بمجرد معموديته بل أنه اكتسب فى بذرة إنسانه الجديد عينين روحيتين قادرتين على التطلع والمشاهدة الروحية . وكما أن المولود أعمى لم يستطع بمجرد أن أبصر أن يستوعب كل ما انفتحت عليه عيناه من صور بصرية لكنه احتاج للكثير من الوقت حتى يعى حقيقة أشياء كان يبصرها بأذنيه وخياله من قبل وبات يبصرها الان بعينيه هكذا الحال فى استنارة عيون الأذهان التى هى عملية نمو مستمر فى المعرفة الروحية تبقى حتى فى الدهر الاتى " أما سبيل الصديقين فكنور مشرق يتزايد وينير إلى النهار الكامل ( أم 18:4) " وهذه هى الحياة الأبدية :أن يعرفوك أنت الإله الحقيقى وحدك ....."( يو 3:17) 

والإبصار يحتاج لثلاثة عناصر عينان سليمتان ونور خارجى ومركز إبصار فى المخ قادر على استيعاب الصور البصرية وتحويلها إلى معان وحقائق وبالتالى لا يكفى أن يكون للمرء عينان لكى يبصر ولكنه ما لم يبق فى النور فإن عينيه تضمران وتصيران عاطلتين .والأعين الروحية التى نكتسبها فى المعمودية مثلها مثل الأعين الجسدية ليس فيها نور فى ذاتها ولكنها تحتاج إلى النور حتى تعمل "إن كان أحد يمشى فى النهار لا يعثر لأنه ينظر نور هذا العالم ولكن إن كان أحد يمشى فى الليل يعثر لأن النور ليس فيه " ( يو 9:11_10) وإن كانت أعين الجسد تحتاج للنور المادى المخلوق لكى تبصر فإن أعين الروح تحتاج لنور وجه المسيح غير المخلوق لكى تستنير : ارفع علينا نور وجهك يارب " ( مز 6:4) يعنى ذلك أنه لا يكفى أن يعتمد الإنسان لكى يستنير فما لم يلتصق عقله بالله مصدر النور وما لم يجاهد لكى يثبت فى حضرته فإن العينين الروحيتين اللتين اكتسبهما فى المعمودية لا تفيدانه شيئا بل وتضمران 

وإن كانت عملية الاستنارة الروحية عملية نمو تدريجى فى المعرفة إلا أن سرعتها تختلف من شخص لاخر .ففى قصص تفتيح أعين العميان فى الكتاب المقدس وكذلك فى قصة استعادة بولس لبصره تكررت عبارات مثل : فللوقت أبصرت أعينهما (مت 34:20) , فللوقت أبصر (مر 52:10) وفى الحال أبصر (لو 43:18) فأبصر فى الحال ( أع 18:9) أما فى قصة شفاء أعمى بيت صيدا فقد استعاد البصر ببطئ على مرحلتين وفى قصة تلميذى عمواس فقد استغرقا الكثير من الوقت حتى انفتحت أعينهما وعرفاه (لو 31:24) والعامل المشترك هنا هو ضعف الإيمان فبيت صيدا نالت الويل بسبب عدم إيمانها (مت 21:11) وتلميذا عمواس نال التوبيخ ( لو 25:24) أى أن سرعة النمو فى الاستنارة تعتمد على درجة الإيمان فما لم نصرخ أكثر كثيرا بكل حرارة الإيمان طالبين أن نبصر لن نستمع لتلك البشرى السارة "قومى استنيرى لأنه قد جاء نورك " ( إش 1:60) 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك اذا كان لديك أى تسائل عن الموضوع وسنجيبك فور مشاهده تعليقك

إعلان1
إعلان2
إعلان3