بمناسبة عيد الرسل
مبادئ روحيّة في حياة وخدمة
القديس بولس الرسول
أولاً: وضوح الهدف في الخدمة
كان القدّيس بولس يكرز بالمسيح وليس بنفسه.. كما أكّد مرارًا: "لَسْنَا نَكْرِزُ بِأَنْفُسِنَا، بَلْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبًّا، وَلكِنْ بِأَنْفُسِنَا عَبِيدًا لَكُمْ مِنْ أَجْلِ يَسُوعَ." (2كو4: 5). فهو لا يهدف في خدمته إلى الظهور، ولا يَتعَب إذا انتقل لمكانٍ مختلف أو خدمة أخرى.. ولعلّ هذا يحتاج إلى إنكار الذات كلّ يوم.. هو يختفي ليَظهر المسيح.. يربط الناس بالمسيح.. ويشهد فقط لشخص المسيح ومحبّته وأعماله العظيمة.. فتمجيد الله هو شُغله الشاغل على الدوام.
ثانيًا: إيمانه بأنّ الحقول متّسعة
لذلك اهتمّ بثلاثة أمور:
1- العمل المشترك مع آخرين كثيرين..
2- ألاّ يزاحم أحدًا في الخدمة.. فنحن لَسنا في منافسة، كما أكّد في إحدى المرّات: "كُنْتُ مُحْتَرِصًا أَنْ أُبَشِّرَ هكَذَا: لَيْسَ حَيْثُ سُمِّيَ الْمَسِيحُ، لِئَلاَّ أَبْنِيَ عَلَى أَسَاسٍ لآخَرَ. بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: الَّذِينَ لَمْ يُخْبَرُوا بِهِ سَيُبْصِرُونَ، وَالَّذِينَ لَمْ يَسْمَعُوا سَيَفْهَمُون" (رو15: 20-21).
3- أن يعمل بدون حدود أو قيود أو انحصار، بل في كلّ مكان وكلّ وقت وكلّ الظروف، مؤمنًا أنّ "كلمة الله لا تُقَيَّد" (2تي2: 9).
ثالثًا: محبّة المسيح هي القوّة الدافعة التي كانت تغذّيه بالطاقة للخدمة
لقد تَمَلّكَ حبّ يسوع على قلبه.. كما ذَكر مرارًا أنّ محبّة الله قد انسكبت في قلبه (رو5:5)، وأنّ محبّة المسيح تحصره، فيسوع "مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ" (2كو5: 15).
لذلك كان على استعداد أن يموت كلّ يوم، ويُحسَب مثل غنمٍ للذبّح (رو8)، من أجل ابن الله الذي أحبّه وأسلم نفسه للموت من أجله (غل2: 20).
هكذا نحتاج كأعضاء في جسد المسيح أن نُضرِم هذا الحُبّ داخلنا.. أمّا إذا ضعفت المحبّة فبالتأكيد ستضعف خدمتنا..!
رابعًا: روح الأبوّة
+ هذه الروح وَلَدَت كثيرين للمسيح، واحتضنت نموّ الكثيرين..
+ كان يَعتبر أنّ مَن يكرز لهم، هو يَلِدهم للمسيح؛ بالإيمان والمعموديّة.. فيصيروا أبناء الله وأبناء الكنيسة..
+ كانت أبوّته تتميّز بالقلب المتّسع مع الحزم، والبذل أيضًا.. وكأنّه يتمخّض لكي تظهر صورة المسيح في أبنائه.. (غل4: 19).
خامسًا: أهمّيّة أن يكون الراعي قدوة
في الكلام وفي السلوك، وفي المحبّة والإيمان والطهارة.. ولذلك استطاع أن يقول: "كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي كَمَا أَنَا أَيْضًا بِالْمَسِيحِ" (1كو11: 1).
سادسًا: الاستفادة من كلّ الظروف
كان القدّيس بولس يؤمن "أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ" (رو8: 28).. لذلك ففي وقوفه أمام الملوك والولاة: فيلكس وفستوس وأغريباس وقيصر، أو طرده من بعض الأماكن، أو في وجود مقاومين شرسين.. كان يستغلّ كلّ الظروف للكرازة بالمسيح..!
سابعًا: التعلُّق بالسمائيّات وهدفه اقتناء مجد المسيح
فكان يقول بيقين "أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا" (رو8: 17-18). و"إنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَهُ فَسَنَحْيَا أَيْضًا مَعَهُ. إِنْ كُنَّا نَصْبِرُ فَسَنَمْلِكُ أَيْضًا مَعَهُ" (2تي2: 11-12). ويَفهَم تمامًا أنّه يُسَجِّل سيرته في السماوات (في3: 20)، وليس فقط يُسَجِّل تاريخًا أو إنجازاتٍ على الأرض.. بل هدفه مع كلّ الكنيسة أن يقتني مجد الملكوت، مجد ربّنا يسوع المسيح، الذي اختارنا من البدء للخلاص بتقديس الروح وتصديق الحقّ (2تسا2: 13-14).. وهذا ما ينبغي أن تكون عيوننا جميعًا مُركَّزةً عليه..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب تعليقك اذا كان لديك أى تسائل عن الموضوع وسنجيبك فور مشاهده تعليقك