استشهاد الطفل بيسر

نعرف من التاريخ الكنسى كيف كانت الأم القبطية تربى أبنائها على الأستشهاد وأول قصص ترويها لهم كانت عن الشهداء وبطولاتهم وكيف لم يخافوا من العذاب ولا الموت وكيف وقفوا بشجاعة قدام الحكام يحاورونهم ويرفضون هداياهم .ومن بين الذين استشهدوا الأطفال بدءا من الأطفال شهداء بيت لحم إلى العائلات التى استشهدت بكاملها ولم يستثن الأطفال فلا الأمهات استبعدن أطفالهن ولا الحكام أشفقوا عليهم ولا الأطفال أنفسهم وافقوا بعض الأمهات على العودة من ساحة الأستشهاد ! وأتذكر هنا طفلا يدعى بيســــــر كان من بين شهداء نجران وكيف أن أمه أسرعت إلى الكنيسة حيث يتقدم كل مسيحى البلدة للاستشهاد فى النار وكانت تمشى ممسكة بيد ابنها ذى السنوات الأربع وفيما هما سائرين يسألها الطفل فى براءة إلى أين نحن ذاهبان يا أمى فتجيبه بحماسة وفرح إلى الاستشهاد يا ابنى وتتعالى صيحات الفرح من الطفل الذى كانت الأم قد سألته فى وقت سابق ماذا تود أن تصبح عندما تكبر يا بيسر ؟ فأجاب بتلقائية أود أن أصبح شهيدا على اسم المسيح ولما كانا يرنمان وهما سائرين اقتربت الأم من المكان ولما رأت النيران المشتعلة والناس يجرون نحوها تحركت فى احشائها الرأفة والأمومة البشرية فنزعت بسرعة يدها من يد طفلها وانتهرته بلطف أن عد إلى البيت وصمت الطفل ! وعادت الأم لتكرر ما قالته وهنا ظهرت أمارات الدهشة والحزن على وجهه فسألها بتوسل : لماذا فأجابته بمشاعر بشرية : النار .. النار ..عد أنت صغير وحينئذ تفرس فى وجهها قليلا قبل أن يجيبها : لا تقلقى على يا أمى فانه لا توجد نار بعد هذه النار وهنا طفرت الدموع من عينيها وحملته ليستشهد معها 

هذه قصة من الاف قصص الشهداء الأطفال الذين يبكتوننا كلما تذمرنا بسبب الاضطهاد أو شعرنا بعد الاحتمال هذا الشهيد أبانوب وهذا الشهيد كرياكوس بن يوليطة وهؤلاء خمس أطفال للأم دولاجى ومثلهم أولاد المكابيين السبعة وجميعهم شجعتهم أمهاتهم على الشهادة للمسيح من أجل قيامة افضل .

   هذه ثمرة تربيتها أن تضمن لهم مصيرهم الأبدى وأن تقدمهم تقدمة طاهرة للمسيح لم تعدهم بأن تزوجهم بنت السلطان أو بأن يكون لهم قصر وعبيد وسطوة ومال بل أن تضمن لهم مسكنا أبديا لا يزول وكانت لا تمل من أن تذكرهم دوما بأن المسيح يحبهم ومات من أجلهم 

               بركة صلواتهم المقدسة فلتكن معنا امين +++