انتشر فى السنوات الأخيرة ما يسمى بالمعارضة فى الكنيسة وأخذت مسميات كثيرة تحت جبهة أو رابطة أو حركة , وهى محاولة
لاستنساخ نموذج سياسى داخل الكنيسة , ورغم أن هذه المجموعات قد تتناول موضوعات هامة , ولكن استخدام أساليب ومصطلحات سياسية فى الحياة الكنسية يخلق إشكالية , مثل الشخص الذى يعيش فى مجتمع ولا يلتزم بقوانينه بل بقوانين مجتمع اخر ! ومما يزيد الإشكالية هو الاهتمام الإعلامى وتركيز بعض وسائل الإعلام على هذه الفئة وكأنها تمثل جموع الأقباط , فنجد عند طرح موضوع كنسى فى بعض وسائل الإعلام تحت عنوان ردود فعل الأقباط مثلا يقتصر الأمر على لقاءات مع مجموعة محدودة ومحددة ومتكررة تحت اسم نشطاء أقباط أو مفكرين أقباط وكأن باقى الأقباط غير نشطين وغير مفكرين ! ما تقوم به هذه الوسائل الإعلامية يشبه حجرات المرايا التى يدخلها الشخص فيرى نفسه ويراه الاخرون فى حجم غير حجمه الطبيعى , والخطورة أن يعتقد هذا الشخص أن ثمن تذكرة الدخول لأغلب هذه الحجرات هو مهاجمة الكنيسة .
العلاج الكنسى : لهذه الظاهرة هو العودة إلى الكنيسة الأولى كنموذج نحتذى به . فسفر أعمال الرسل يقدم لنا صورة جميلة عن الكنيسة الأولى فى عصر الرسل والنمو فى وحدانية القلب والنفس التى جمعت المؤمنين , وأيضا الزهد فى الماديات وحياة الشركة التى عبر عنها سفر الأعمال بقوله : إذا لم يكن فيهم أحد محتاجا ,لأن كل الذين كانوا أصحاب حقول أو بيوت كانوا يبيعونها , ويأتون بأثمان المبيعات , ويضعونها عند أرجل الرسل , فكان يوزع على كل أحد كما يكون له احتياج ( أع 34:4"35) .
هذه الصورة الجميلة من الزهد والاهتمام بالمحتاجين _ حتى تحقق هدف أنه لم يكن هناك محتاج , ورغم أن كنيسة الرسل كانت ذات إمكانيات مادية محدودة _لم تمنع أن تحدث مشكلات ! فسفر أعمال الرسل يذكر لنا أن تذمرا حدث من اليونانين على العبرانين أن أراملهم كن يغفل عنهن فى الخدمة اليومية ( أع 1:6) .كيف تعامل المؤمنون فى الكنيسة مع هذا التذمر ؟ لم يكون اليونانيون رابطة منكوبى الخدمة اليومية أو حركة أرامل يونانيات ولا أرسلوا استمارة لجمع توقيعات لسحب الثقة من الرسل . ولكنهم ذاهبوا بمشكلتهم للكنيسة للاباء الرسل الاثنى عشر ..
لم يعتبر الاباء الرسل هذا الامر علامة على الضعف الروحى لليونانيين ومحبتهم لأمور العالم , أو أنهم مثير وشغب وراغبى إفساد الصورة الجميلة للكنيسة , ولكنهم تفهموا أبعاد المشكلة كمشكلة تنظيمية , لذلك جمعوا جمهور التلاميذ أى كل المؤمنين وليس ممثلين عنهم واقترحوا نظاما جديدا اشترك المؤمنون معهم فى وضعه وهو إقامة خدمة جديدة هى رتبة الشمامسة , وحدد الرسل الشروط فى المختارين فانتخبوا أيها الإخوة سبعة رجال منكم , مشهودا لهم ومملوين من الروح القدس وحكمة , فنقيمهم على هذه الحاجة (أع 3:6)
ثم أداروا حوارا مع الكل وليس مع مجموعة معينة , وكان الحوار ذا مرجعية روحية مملوين من الروح القدس ويقدم حلولا عملية للمشكلة . لذلك نجح الاباء الرسل بقيادة الروح القدس فى علاج هذا التذمر , وقدموا لنا نموذجا لعلاج المشاكل بطريقة روحية بعيدا عن الاساليب والمصطلحات الغريبة عن الكنيسة وروحها وقوانينها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب تعليقك اذا كان لديك أى تسائل عن الموضوع وسنجيبك فور مشاهده تعليقك