الحاجة إلى الأرثوذكسية أنها تحمينا من "الفردية " التى من شأنها :
1_ إلغاء الجسد ... فالكنيسة هى جسد المسيح .
2_ إلغاء الاخر ... كالمؤمنين والقديسين المتحدين معنا فى جسد الكنيسة . ونستكمل حديثنا حول مخاطر الفردية ...
3_ الفردية إلغاء للمرجعية
فمع أن الإنسان لديه احتياج نفسى يدعى " الحاجة إلى الخصوصية " إلا أنه لديه احتياج نفسى اخر يدعى " الحاجة إلى المرجعية " أى الحاجة إلى من هو أكبر و أعلم منى ليراجعنى .
الاحتياج الاول : يظهر خصوصية الإنسان وتميزه ومواهبه ووظيفته فى الجسد .أما
الاحتياج الثانى : فيشبع انضمام العضو لبقية الأعضاء وحاجته إلى الجماعة المقدسة كمرجع لفكره وسلوكياته .
" المرجعية " هى التى حفظت للكنائس الرسولية والتقليدية وحدة الإيمان والعقيدة والتعليم .... أما غياب المرجعية فهو الطريق إلى التشتت والتفتت ! كما حدث فى كنائس أخرى تركت لكل فرد حريته فى التفسير أى إلى ما تصوره من مواهب ووزنات خاصة فاستحداث عقائد منحرفة وبدع كثيرة !
❇️❇️❇️
الكنيسة جماعة
ليست الكنيسة مجرد "سلطة " (سلطة الأكليروس ) كما يصورها البعض ولا مجرد "مرجعية " (تراجعنا فيما نفكر ونسلك !) الكنيسة هى جماعة " اكليسيا " متحدة بالروح وتضم فى تعريفها الشامل :
1_ جماعة المؤمنين .
2_المجتمعون فى بيت الله المدشن .
3_بقيادة الأكليروس .
4_وحضور الملائكة والقديسين.
5_حول جسد الرب ودمه الأقدسين .
هذا هو المفهوم الشامل للكنيسة والذى يتحقق _فى قمة تجلياته _فى الافخارستيا فنحن حينما نتناول من جسد الرب ودمه فى نهاية القداس الإلهى تتحقق لنا بركات كثيرة إذ:
1_نتحد بالمسيح : " من يأكل جسدى ويشرب دمى يثبت فى وأنا فيه (يو 56:6) .
2_ نتحد بالقديسين : فهم يحضرون معنا ومعهم الملائكة فى صلوات القداس الإلهى فنتشبع بهم وهم يصلون عنا فى شركة مقدسة لا تنقطع .
3_نتحد بالمؤمنين : إذ يقول الرسول : " كأس البركة التى نباركها أليست هى شركة دم المسيح ؟ الخبز الذى نكسره أليس هو شركة. جسد المسيح ؟ فإننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد لأننا جميعنا نشترك فى الخبز الواحد " ( 1كو 16:10_17) ... وهكذا نتحد جميعنا كأعضاء فى جسد واحد .
4_ ننال الخلاص : فالذبيحة المقدسة هى ذبيحة الخلاص وهى امتداد لصليب المسيح الذى فيه صار لنا الخلاص حين اعتمدنا لموته. وجددنا فعل المعمودية بالتوبة وسرنا فى عشرة مقدسة معه بوسائط النعمة لنتجدد يوما فيوما إلى أن نخلع الجسد الترابى ونلبس الجسد السمائى ...
5_ وننال غفران الخطايا : "لأن فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا " (أف 7:1) " وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة ! (عب 22:9) "ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية "( 1يو 7:1) .
6_ وننال الحياة الأبدية : إذ يكون لنا بجسده ودمه الأقدسين أمكانية القيامة من الأموات والدخول إلى الأبدية السعيدة . "من يأكل جسدى ويشرب دمى فله حياة أبدية وأنا أقيمة فى اليوم الأخير " (يو 54:6).
7_ ونبشر بالمسيح : لأننا كلما أكلنا من هذا الخبز وشربنا من هذه الكأس نبشر بموت الرب ونعترف بقيامته وننتظر مجيئه الثانى المبارك .
❇️❇️❇️
مظاهر أخرى لجماعية الكنيسة :
إن كانت الافخارستيا هى تعبير عن جماعية الكنيسة وسر دخولنا فى هذه الجماعية لأن الافخارستيا هى "سر الشركة " لكن كنيستنا القبطية تهتم بإدماج كل المؤمنين فى الجماعة المقدسة كأعضاء حية و أغصان مثمرة كما يظهر فى أمور كثيرة نذكر منها على سبيل المثال :
1_ وحدة الإيمان بالمسيح : فجميعنا كأبناء فى الكنيسة لنا إيمان واحد بالله الثالوث والكلمة المتجسد والفادى المجيد .
2_ وحدة الكتاب المقدس : لنا كتاب واحد مقدس نشبع به فى قداساتنا وحياتنا اليومية .
3_ وحدة العقيدة : فلنا عقائد واحدة موحدة وليس لكل إنسان حق " ابتداع " عقيدة بحسب ما يروق له ... إذ لنا ثوابت مسجلة ومرجعية جماعية واحدة .
4_ وحدة التقليد : إذ نؤمن بالتقليد الرسولى الذى سلمنا الكتاب المقدس ومفردات الحياة الكنسية كما سلمها السيد المسيح للرسل فى الأربعين يوما التالية لقيامته حيث كان يتكلم معهم (شفهيا) عن الأمور المختصة بملكوت الله (أع 3:1).
5_وحدة الطقس : فالطقس نظام كنسى موحد للقراءات اليومية وقداسات الاحاد والمناسبات الكنسية : كالبصخة والخمسين المقدسة و الأعياد .كما أننا نصوم معا فى تذكارات محددة وبروح جماعية مفرحة تجعلنا نحس بوحدة الجسد !.
6_ وحدة التعليم : حيث لنا مرجعيتنا الابائية فى تفسير الكتاب المقدس كما قال القديس أغسطينوس : "أنا أقبل الإنجيل كما سلمته لى من الكنيسة مشروحا بالاباء ومعاشا فى القديسين .
7_شركة القديسين : فنحن نؤمن بأن كل من رحلوا إلى الفردوس يواصلون الصلاة عنا أمام الله ويطلبون عن ضعفنا ويمكنا أن نتشفع بهم فى شركة حية دائمة .
8_ وحدة الأسرار : فنحن نؤمن بالأسرار السبعة المقدسة ونعرف دورها فى الخلاص .
9_ وحدة التسبيح : لدينا تسابيح نصف الليل وباكر وعشية ... ونلتزم دائما _ فى الأغلب الأعم من تسبيحاتنا _بصيغة الجمع حين نقول مثلا : "انعم لنا بمغفرة خطايانت... نسجد لك أيها المسيح ... بموتك يارب نبشر " لكى نحس بوحدة الجسد وتكامل الأعضاء .
10_ سلطان الكهنوت : وهو سلطان أبوة لا يستدعى التمرد الذى نادى به البعض ... فحتى إذا كان البعض قد انحرف بهذا السلطان فى العصور الوسطى فالكل يؤمن الان بخطا هذا التوجه . إنه سلطان "المرجعية " وسلطان " الحل والربط " وسلطان " الإرشاد بالروح القدس " ...
وهدفه الوحيد بناء الإنسان وضبط الإيقاع الكنسى العام كجسد واحد بنشد سيمفونية واحدة متناغمة !!
11_ جماعة القرار : كما فعل بولس الرسول حين قال : "إذ أنتم وروحى مجتمعون مع قوة ربنا يسوع المسيح "( 1كو 4:5) ...
فأصبح القرار عبارة عن : صوت الشعب + رأى الاكليروس + مرجعية الكتاب المقدس والتقليد الرسولى .
12_ عدم الاكتفاء برأى الشعب فقط : وها نحن نرى بعض كنائس الغرب " يصوتون " على ايات الكتاب المقدس كما فى موضوع " الجنسية المثلية " المرفوضة كتابيا والمقبولة عند البعض الان كنسيا وقانونيا ...بالمخالفة لوصايا الانجيل وثوابته .
❇️❇️❇️
الأرثوذكسية إحتياج المستقبل :
ليست الأرثوذكسية _ أبدا _حياة الماضى فقط بل هى احتياج المستقبل أيضا فهى تعلمنا أن نضرب بجذورنا فى الماضى والتراث ونغتذى بحياة وأقوال الاباء لكى ينمو الساق ويورق ويزهر ويثمر ...
أن شباب الإنترنت الذى ينعكف على "اللاب توب " ليل نهار ويعزل نفسه عن أسرته و أصدقائه وكنيسته ...هو شباب فى طريق "التوحد " أو " الذاتوية " ( Ottism ) حيث ينكفئ على نفسه فيضيع : جسديا وصحيا وروحيا ونفسيا واجتماعيا .أنه يسقط نفسه بنفسه فى بئر " الذات " أو فى جماعات أو علاقات ضارة أو ممارسات خاطئة ويفصل نفسه عن " الجماعة المقدسة " وهكذا يحيا خطورة " الفردية " المميتة .
لذلك فأفضل إجابة لاحتياجات شباب الجيل الرقمى هى "الحياة الأرثوذكسية"......
" الحياة الجماعية " .... التى تخرجه :
1_ من ذاته إلى المسيح .
2_ ومن ذاته إلى القديسين .
3_ ومن ذاته إلى الجماعة الكنسية .
4_ ومن ذاته إلى المجتمع .
وهكذا ينمو نموا سليما فى انفتاح وتفاعل بناء دون تفريط فى إيمان أو عقيدة أو أخلاق ولكن فى إيجابية تنشر الحب والخير بين جميع الناس .
نعم ...." الأرثوذكسية " هى حاجة " الجيل الرقمى "! .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب تعليقك اذا كان لديك أى تسائل عن الموضوع وسنجيبك فور مشاهده تعليقك