ولما اقترب من أريحا كان أعمى جالسا على الطريق يستعطى. فلما سمع الجمع مجتازآ سأل : "ما عسى أن يكون هذا" فأخبروه أن يسوع الناصرى مجتاز. فصرخ قائلآ :" يا يسوع ابن داود ،ارحمنى! " فانتهره المتقدمون ليسكت، أما هو فصرخ أكثر كثيرآ : "يا ابن داود، ارحمنى!" فوقف يسوع وأمر أن يقدم إليه. ولما اقترب سأله قائلا : " ماذا تريد أن أفعل بك" فقال : " ياسيد، أن أبصر! " فقال له يسوع : "أبصر. إيمانك قد شفاك" وفى الحال أبصر، وتبعه وهو يمجد الله وجميع الشعب إذ رأوا سبحوا الله (لوقا ٣٥:١٨_٤٣)
تتلو الكنيسة ⛪ هذا الفصل فى إنجيل قداس الخميس الرابع من الصوم ،وفيه يسأل الرب سؤالآ واضحآ جدآ لكل منا من خلال المعجزة التى تمت فى مدينة 🏙 أريحا فعندما أكثر الأعمى من الصراخ لكى يلفت نظر السيد المسيح ،حاول الناس إسكاته ،فقديمآ كان يوجد ربط بين المرض والخطية ،وبحسب معتقداتهم فى ذلك الوقت فمن عنده مرض صغير ذلك لأن خطيته صغيرة ،ومن عنده مرض كبير لدرجة أن يفقد بصره فهذا خطيته كبيرة ، وعلى هذا طالبوا الأعمى بالسكوت لأن خطاياه كثيرة ،أما هو فصرخ أكثر كثيرآ : " يا ابن داود ارحمنى" والكتاب يذكرها مرة واحدة ،ولكن لابد أنه قالها مرات ومرات. عندئذ استدعاه الرب يسوع وسأله سؤالا يبدو غريبآ، والسيد المسيح يطرح علينا فى هذة الليلة نفس السؤال : ماذا تريد أن أفعل بك ؟
دعونا نتوقف عند الرجل الأعمى برتيماوس
فسنجد ثلاث صفات رئيسية تميزه
١_الاشتياق
أولا سمع حضور المسيح وسط الجموع واشتاق أن يراه. وأرجو أيها الأحباء أن نقف عند هذا الفعل، فعل الاشتياق. فى الحياة الروحية نتكلم عن الشوق للتغير، أى أن يشتاق الإنسان أن يصبح أفضل. فهذا الإنسان كان يعانى من فقد البصر ،ولكن عندة اشتياق داخلى أن يبصر، عبر عنه بالصراخ بتكرار الطلبة
هل عندك هذا الشوق وهذه الإرادة للتغير؟
هناك من يرى أنه ليس فى الإمكان أفضل مما كان! وهناك آخر عنده الحيوية والاشتياق أن تتغير حياته للأفضل. فأى النوعين أنت ؟
٢_المثابرة والإصرار
هذا الإنسان الأعمى آمن بيسوع، وأعلن إيمانه من خلال الصراخ والإصرار والإلحاح ،لم يصمت رغم انتهار الجموع له. هناك من هو قصير النفس، ويستسلم سريعآ، بينما هناك آخر عنده إصرار أن يحقق غايته. يذكرنا بارتيماوس الأعمى بالمرأة الكنعانية التى كانت أيضا تصرخ وراء المسيح من أجل ابنتها المريضة حتى شفاه
٣_الطلب بإيمان ورجاء
هذا الرجل طلب وحدد بالضبط رغبته، سأله الرب : "ماذا تريد أن أفعل بك؟ فأجاب" يا سيد أن أبصر "طلب طلبة محددة متوقعآ أن ينالها بإيمانة ويصير فرحآ. أحيانا يصلى الإنسان بيأس وكأنه يؤدى واجبآ ،ولكن هناك من يصلى برجاء وأمل وفرح. يوجد من يذاكر واضعآ أمامه صعوبة الامتحان ،ومن يذاكر وعينه على فرحة النجاح ، بالنسبة للأول المذاكرة عمل ثقيل ،أما الآخر فيراها خطوة للأمام والصعود والارتقاء درجة بدرجة
عميان وهم مبصرون
❇️
هناك من يعمى عن جمال الخليقة التى أوجدها الله من أجل الإنسان، الفلك، النجوم ،الشمس،الهواء،البحار، النباتات، الحيوانات فصول السنة من شتاء إلى ربيع إلى صيف إلى خريف ،مرور السنوات... فهل تنتبه إلى جمال الخليقة والطبيعة ؟ جمال الخليقة يجعل الإنسان يحافظ عليها ولا يلوثها. إذا لم يهتم الانسان بجمال الطبيعة يحسب أنه أعمى ويحتاج أن يبصر
❇️
وهناك من يكون أعمى عن معرفة الخلاص! تلهيه الحياة فلا يلتفت أن المسيح جاء وتجسد وصلب من أجله ،وسفك دمه على الصليب حبآ فيه. لا يعيش الخلاص ولا يفهمه ،ويحيا فى الخطية. بل أن هناك من يقول : "لقد عشت فى خطايا كثيرة، وبالتأكيد ربنا متضايق منى" ويبدأ يكبر هذة الفكرة فى داخله ،وتكون النتيجة أنه لا يعيش حياته صحيحآ، ولا يعيش فرحة الخلاص... لا توجد خطية كبيرة على دم المسيح. ولكن هل تتوب عن خطيتك وتعترف بها ؟ هل تحاول أن تنقى قلبك ❤️ ؟
❇️
صور ثالثة من صور الإنسان الأعمى هو الأعمى عن نور وصية الكتاب المقدس 📖. ليس نور الوصية أن يكون الكتاب على الموبايل ولا الآيباد ولا الكمبيوتر ،بل أن يكون هذا الكتاب محفوظآ فى قلبك ❤️، معروفآ فى حياتك، وتعيش الوصية. يحكى عن تلميذ ذهب لمعلمه طالبا أن يشرح له المزامير لكى يعيش بها ويفهمها. فابتدأ المعلم يشرح له من المزمور الأول طوبى للرجل الذى... "
وبعدما شرح آيتين اكتفى التلميذ وانصرف طالبا أن يستكملوا فى المرة القادمة. وعاد التلميذ لمعلمه بعد ستة شهور، فلما أبدى الأخير اندهاشه، قال التلميذ أنه قضى كل تلك المدة يحفظ الآيتين ويعيش بهما ويتدرب عليهما حتى صارتا جزءآ من حياته الإنسان الأعمى عن عمق الإنجيل تجد حياته الإنسان الأعمى عن عمق الإنجيل تجد حياته بلا فرح. كلمة "إنجيل " فى حد ذاتها معناها بشارة مفرحة أى أنك بمجرد أن تفرغ الإنجيل وتحفظة وتعيش به، تمتلئ حياتك فرحآ
❇️
صورة رابعة هو الإنسان الأعمى عن طريق الكنيسة ومفهوم الكنيسة. نحن نصلى فى قطع الساعة الثالثة ونقول : إذا ما وقفنا فى هيكلك المقدس نحسب كأننا قيام فى السماء.... "
هل الكنيسة عندك هى السماء ؟أم هى الزحام وعدم النظام والضوضاء ؟.. ما مفهوم الكنيسة بالنسبة لك ؟ هل تلتزم فيها؟ هل تأتى لتقابل المسيح شخصيآ، أم هى مجرد اجتماع تحضره ؟هل تمارس الأسرار بوعى ؟ هل تتقدم للتناول تتقدم بقلب نقى ؟ يليق أن تكون حياتك بلمعان الأوانى المقدسة التى تتناول منها
❇️
صورة خامسة من صور الإنسان الأعمى هو الأعمى عن محبة الآخرين وخدمتهم. الله عندما خلق كل إنسان فينا ،خلقه
لرسالة ما. إياك أن تظن أن الله أوجدك فى هذة الحياة بلا رسالة. هناك من يكون دوره صغيرا، وآخر مسئوليته كبيرة ،وهكذا
لأننا نعيش فى مجتمعات، ينبغى أن نتحلى بهذة الصفة : خدمة الآخرين ،وكلمة الآخرين هنا لا تعنى المسيحيين فقط، بل أى انسان، المسيح ذاته خدم كل إنسان ، فهل أنت رسالة محبة لكل أحد ؟
أحكى لكم قصة من قصص الأطفال ،عن أم ذهب ابنها لأول يوم إلى المدرسة، وكانت قد زينت له فكرة المدرسة والفصل واللعب مع الأولاد.... وبعدما رجع سألته إن كان قد سعد فى يومه فأجاب بالإيجاب ،ثم سألته إن كان قد لعب مع الأولاد فى الحضانة فقال لا! وعندما سألته مندهشة عن سبب عدم اشتراكه فى اللعب، أجابها بأنه كان يحرس حقائب زملائه! طفل 🧒 عمره أربعه سنوات لكن عنده إحساس بالمسئولية ،فقد حرم نفسه من اللعب لكى يخدم الآخرين بحسب مفهومه كطفل طبعآ فهل لديك هذه الروح ؟ هناك شخص نقول عنه إنه خدوم ،والخدمة يجب أن تكون حبا فى الله ليست لغرض أخر
قد يكون الإنسان أعمى ،ويحتاج أن يقف أمام المسيح الذى سيسألك : ماذا تريد أن أفعل بك ممكن أن تقف قدامه وتطلب منه : يارب افتح عينى لأرى جمال الطبيعة والخليقة، أو لأعرف خلاصك. وأفهم وصيتك وأعيش وأفرح بها. يارب افتح عينى لكى أقدر قيمة الكنيسة عروسك ،ولكى أخدم الآخرين حتى ولو بكلمة
وعندئذ سيعمل معك الرب مثلما عمل مع الإنسان الأعمى الذى سمع صراخه والمه وتحنن عليه وشفاه
ثلاث ملاحظات أخيرة
١_انتهز الفرصة فقد يتحرك روح الله فى قلبك ❤️ فى شكل من أشكال زيارات النعمة، وقد لا تتكرر. لو سألك المسيح هذا السؤال وأنت واقف فى مخدعك تصلى ،فبماذا ستجيب؟ حدد إجابتك من الآن
٢_احذر المعطلات من الممكن للبشر أن يعطلوك مثلما انتهروا الأعمى ليسكت. ممكن للانشغالات أن تعطلك ،الشهوات، الشكوك.. احذر من أى ما ومن قد يعطل مسيرتك
٣_اشكر الله يخبرنا الكتاب المقدس 📖 أن هذا الرجل بعد أن نال نعمة "فى الحال أبصر وتبعه وهو يمجد الله وجميع الشعب إذ رأوه سبحوا الله" اشكر الله دائما بتسبيحك وتمجيدك وصلواتك وأصوامك وبقلبك المرفوع
يباركنا المسيح بكل بركة روحية يرانا فى احتياج إليها. له كل المجد والكرامة من الآن وإلى الأبد آمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب تعليقك اذا كان لديك أى تسائل عن الموضوع وسنجيبك فور مشاهده تعليقك