2020/04/30

إقامة القديس يسطس لدى راعى خراف بمريوط

١_هروب يسطس مرة أخرى:

وبعد سبعة أيام من العناء ،هرب القديس من بيت 🏡 ذلك البربرى دون أن يدرى أحد به. وظل ماشيا حتى وجد حظيرة خراف، فاستراح فيها إلى المساء حتى أتى الراعى. وكان رجلا محبا لله،فلما وجد يسطس راقدا فى تعب عظيم،صنع معه رحمة. 
والأكثر من هذا، كانت بعض جروح جسمه قد انتنت وانفثت دودا، فكان الراعى الحنون ينزعها منه ويعامله كخروف صغير لديه. 

٢_القديس يشكر الله وسط الآلام:

ورغم كل هذه الآلام ،فقد كان القديس يسطس يشكر الله 🙌
على كل شئ يأتى عليه. وكان يقول لنفسه عندما يرى الدود يسعى فى جسده وجروحه :(أيها الجسد هذه مجازاتك، قد عوقبت بها قبل موتك لأنك بسبب خطاياك معد لعذاب ودود لا يموت بعد الدينونة ،لذلك لن تحصل على الراحة الأبدية إلا بعدما تتألم كثيرا ههنا).

❇️اذكر أيها الجسد أنك أقمت زمانا وأنت تسر وتفرح بخيرات الأرض فى زمان الصبا. وأكثرت من الأكل والشرب، وهوذا الآن قد صارت لك أتعاب فى حياتك  كنت راكبا على أكتاف العبيد والجوارى والخيل المختارة، والآن أتى زمان تأديبك عوضا عن كبريائك وجهلك.

❇️ اذكر أيها الجسد، أنك أقمت زمانا مترفها بالطيب والعطر،فعليك أن تقبل نتن الدود باستحقاق. 

❇️ لماذا تتذمر أيها الجسد أنك عذبت،أما تذكر أنك كنت متكئا فوق الأسرة العالية الرقيقة ،ولابد لك يوما أن تدحرج فى القبر. والآن، أليس هذا خير لك من أن يكون لك راحة على الأرض، ثم تخزى فى القيامة. 

❇️ أيها الجسد.. هل أقمت الزمان الذى أقامه أيوب محتملا ألم الدود أكثر منك، إنه أقام مدة طويلة وكأنه فى ألم الاستشهاد من أجل التعب الذى أتى عليه،ورغم هذا ظل صابرا.

❇️ والآن تعز أيها الجسد فى تعبك ولا تضعف أيها القلب فى شدة الألم،بل اعتبر نفسك أنك موضوع فى القبر من اليوم، وأنه ليست لك قدرة على دفع العذاب. 

❇️ إن آلام الشهداء الذين تحملوا التعب من أجل الله منذ ابتداء العالم 🌏 وإلى الآن، لا تساوى نقطة واحدة من الدم الكريم الذى أهرق عنا.

❇️ والآن يانفسى.. لا تضعفى وتخورى لأجل الجوع والعطش! إن هذا أخير لك من أن تضعفى هناك من عطش النار،وصدور القضية عليك بالبقاء إلى الأبد فى ذلك اللهب المستعر (المشتعل) وعدم نوال ميراث القديسين.. بل تلقين فى الظلمة الخارجية. فالآن إذن أتركى جانبا وجع القلب والحزن قائلة إنى الآن فى أرض غريبة.. أرض الشقاء ،ولم أبلغ بعد نهاية الطريق التى تؤدى إلى الملك.

❇️ لماذا يانفس تبكين لكونك عريانة من الملابس؟إن فضيحة العرى هناك أعظم بكثير
وبينما كان القديس يردد هذا الكلام بتنهد، وكان الراعى يسمعه ويتعجب من صبره وشكره لله رغم كل هذا. ثم أراد الراعى أن يمتحنه، فسأله قائلا:(هل طلبت من الله أن ينتقم من الأرخن الذى عذبك هكذا؟) فأجابه الطاهر يسطس قائلآ:(لا يا أخى، كيف أطلب هذا وأنا الذى ظلمته، أما تعلم أن كل العبيد العتاة يستحقون العقاب من مواليهم؟!!!)

فلما سمع الراعى هذا الكلام، تعجب ❗ من صبر يسطس وشكره لله.

٣_تماثله للشفاء ومساعدته للراعى:

مكث القديس يسطس أربعين يوما فى حظيرة الخراف فى حالة إعياء شديد، وكان الراعى خلالها يخدمه ويقدم له كل ما يحتاجه. 
ولما تماثل الشفاء ،بدأ يساعد الراعى فى رعاية خرافه ودوابه فى حقل كان محيطا بتلك الحظيرة. 
فوجد فى وسط ذلك الحقل خصآ صغيرا جعله مأواه الذى يستريح فيه،ولم يكن يبطل شيئآ من عبادته ،بل كان مواظبا على الصلاة وكان يكثر من الصوم إلى أن نحل جسده وتغير لونه. 
وخلال ذلك،كان يرفع عينيه إلى السماء ويشكر الله الذى جعله مستحقا لهذه المسكنة التى ستجعله عظيمآ فى الملكوت، وكان يعزى نفسه بمثل الغنى ولعازر ،ونهاية كل منهما ويقول لنفسه:(إننى الآن أنا فى نياح أكثر من تلك الأيام التى كانت فيها مكتسيا بالحرير والقرمز).
ومكث هكذا فى صبر عظيم وصلاة دائمة وإتعاب الجسد، _فى ذلك المكان_مدة سبعة شهور ،وهو يأوى فى الحقل، وكان  يريد مرات عديدة أن يترك هذا المكان، ويذهب إلى موضع آخر، لأنه يحيا كغريب على الأرض ليس له اهتمام بشئ ولا يقتنى شيئآ ،ولكنه ترك هذا الفكر لإرادة الله.

٤_لقاؤه مع الأرخن مصادفة، وابراؤه له:

 لم يكن ذلك الأرخن الذى اشترى يسطس يعلم بهروبه،لأنه كلن أثناء ذلك فى جبل شيهيت ليتبارك من الشيوخ القديسين، إذ أنه كان مريضا ومتوجعا من مرض فى أحشائه. وهناك قابله القديس العظيم "الأنبا صموئيل المعترف"، فطلب إليه وهو راقد متألم قائلا"(صل لأجلى يا أبى القديس ،لأننى مريض جدا. فقال له بالروح:إن ذلك كان من أجل ما فعلتموه بالقديس يسطس، والآن قم واذهب بسلام وستستريح فى الطريق قبل وصولك إلى بيتك"

فحزن الأرخن وظن أنه سيستريح راحة الموت،فسأل القديس عن هذا قائلا:هل سأموت يا أبى فى الطريق؟ إن كان الأمر هكذا،فمن الأفضل لى أن أموت هنا وتصلون على لكى أجد قوة ومعونة فى وقت شدتى.
فقال له الأنبا صموئيل لكى يطمئنه:(إنك لن تموت فى هذه السنه، ولكنك فى الطريق_قرب مدينتك  🏙 _ستجد رجلا حاملآ جرة ماء، فهذا أقصده واشرب من ماء جرته ،وحينئذ ستستريح من شدتك حالا لأجل صلاته مع معونة الله.
وحدث فعلا بعد رحلة  شاقة فى الطريق، أن الأرخن ورجاله تقابلوا مع حامل جرة الماء، وكان هو يسطس (العبد الهارب) ،فلما رآهم يسطس من بعيد وهو يحرس حقل الراعى وحظيرته، أسرع كعادته وملأ جرته بالماء ليسقيهم لأنه كان يفعل ذلك مع كل المسافرين.
ولكنه فوجئ أن أولئك القادمين نحوه هم الأرخن وجنوده، فخاف جدا لئلا يعرفه الرجل ويعذبه ثانية. ولكنه لم يستطع أن يهرب لأنهم أحاطوا به من كل جانب، فبكى بشدة وكان مطأطأ الرأس وقال:"لتكن مشيئة الله" ولكن لم يعرفه أحد منهم.
فلما ابتعد الأرخن قليلا، انتهى الألم وشعر بأنه نال الشفاء عن طريق القديس يسطس دون أن يتعرف على شخصيته، وللوقت تذكر كلام 🗨 الأنبا صموئيل له عن الإنسان  الحامل جرة الماء الذى سيسقيه فيشفى، فللحال، طلب الأرخن من رجاله 👬 أن يحضروا إليه رجل 👨 الله هذا الذى شفاه لكى يشكره ويمنحه شيئا عوض الشفاء الذى ناله. فبحثوا عنه،لكنهم وجدوه قد هرب من المكان، فترك الأرخن له ذهبا فى الخص الذى كان ينام فيه.


٥_يسطس يترك الراعى ويرحل:

لما رأى القديس يسطس الذهب الذى تركه(أرشليدش) سيده السابق، ظن أنه وضعه لكى يختبره ثم يشتكى عليه ويرجعه إلى العبودية ثانية فتزداد عليه الهموم مرة أخرى ،وخاف أن يعذبه لأجل الطفل الصغير. وبالجملة، خاف أن يعيده إلى العالم 🌏 وأموره فيخسر كل التعب الذى تعبه ،ويعود إلى نياح الجسد ويفقد الراحة الأبدية. وقال فى نفسه"خير لى أن أحيا على نبات 🌱 الحقل وأقتات منه، أفضل من أن أخزى أمام الرب بجسدى ونفسى" .
وبعد هذا ذهب إلى الراعى ليودعه تاركا إياه ،فقال له "استودعك أيها الأب الحنون، الرب يعطيك أجرتك لأجل صبرك وتعبك معى، استودعك الله، ولتصحبك ملائكته إلى موضع النياح والعزاء الأبدى. وأسأل الله أن يباركك أنت وبيتك وكل ممتلكاتك،ليستر الله جسدك كما سترت جسدى وأكملت وصية الإنجيل أن من قبل أحد هؤلاء الصغار فقد قبلنى. وها أنت قد قبلتنى جائعا فأطعمتنى، أتيت إليك مريضا فخدمتنى ،جئتك غريبا فقبلتنى ولم تردنى ،أقبلت إليك عريانا فكسوتنى لباسا أفضل من القرمز والحرير. والأن استودعك فى هذا العالم 🌏، وليجازك الله خيرا.
عوضا عما صنعت معى وكان يستودع الراعى وهو يبكى ،فلم يمسك الراعى نفسه من البكاء وأجابه قائلا"ما الذى لحقك منى يا ولدى حتى تمضى وتتركتى وتلتحق بآخر؟ هل ضايقتك؟ هل لأنى لم أوفك أجرتك عن تعبك؟إعلم أن البركة قد حلت على بيتى وأملاكى منذ أتيت إلينا ،فلماذا تريد تركنا؟ هل ترغب فى الزواج؟ إننى مستعد أن أزوجك وأكتب لك نصيبآ كأولادى"
فأجابه القديس (إن عريس نفسى هو السيد المسيح
وأخفى عنه سر خوفه من ذلك الأرخن ورجاله. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك اذا كان لديك أى تسائل عن الموضوع وسنجيبك فور مشاهده تعليقك

إعلان1
إعلان2
إعلان3