كلمات روحيّة للحياة
سبت الفرح
-8-
تسبحة🎺 إرميا النبيّ (صلاة الدموع)
لقد حَمَلَ إرميا النبي أوجاع الشعب المنهوب في العهد القديم، وتوجّع بها حتى إلى أعماق نفسه، حتى قال: «قَلْبِي ، قَلْبِي! تُوجِعُنِي جُدْرَانُ قَلْبِي. يَئِنُّ فِيَّ قَلْبِي» (4: 19). وبكى إرميا بدموع غزيرة قَتلَى الخطيّة، وتمنّى لو كانت رأسه ماء وعيناه ينبوع دموع، ليبكي ليلاً ونهارًا «قَتْلَى بِنْتِ شَعْبِي». وهكذا صار إرميا النبي باكيًا عِوضًا عن الباكين، ومتألِّمًا بَدلاً من المتألّمين، الذين ما بكوا وما تألّموا، ولكن كَمَن لهم عيون ولا يُبصرون، ولهم آذان ولا يسمعون ولا يفهمون.
ولكن في كلّ هذه الأيام والدموع، كان إرميا نبيًّا للرجاء، ناظرًا ومتوقِّعًا وباحثًا عن وقت الخلاص، الذي كان يُزكِّيه الروح كلّما زادت الآلام، ويُظهِره في الضمير كلّما حبكت الظلمة الخارجيّة، كبزوغ الفجر بعد حلكة الظلام. فهو بتوسُّل الباكي ودالّة الدموع في عينيه يقول لله: «هَلْ كُلَّ الرَّفْضِ رَفَضْتَنَا؟» (5: 21)، والجواب التلقائي ببرهان الروح في القلب يقول: حاشا، بل فإنّه أمين في مواعيده، صادق في كلمته، وأنّ مجيئه أكيد وخلاصه سيُستَعلَن في حينه. بل في عتاب الأخِصَّاء يقول لماذا تنسانا إلى الأبد وتتركنا طول الأيام؟ أليس هذا هو صوت الذين كانوا في انتظار المُخَلِّص وهم في رِباط الظلمة؟ أليس هذا هو عينه كلام صلاة المُرَتِّل «إلى مَتَى يا رب تنساني إلى الانقضاء؟ حتى متى تصرف وجهك عنِّي إلى الدهر؟ إلى متى أردِّد هذه الأوجاع في قلبي النهار كلّه.. قُمْ يارب خلِّصني يا إلهي».
نَرَى أنّ الروح واحد، وأنّ الصراخ في كلّ أجيال الدهور واحد، وأنّ الشوق إلى الخلاص والحنين إليه صنعه الروح الواحد في كلّ أبرار جيلٍ فجيل. وها الرب يفدي نفوس عبيده بقُدرة صليبه وقوّة قيامته، مُنقِذًا كلّ الذين صار لهم هذا الرجاء الذي لا يُخزى.
~~~~~~~~~
تسبحة🎺 باروخ النبي (صلاة التوسل للرجوع من السبي)
الآية التي صنعها الرب للخلاص في أيام موسى هي آية الدهور كلّها، حتى في السماء فإنّ جموع المَفديِّين يترنّمون بتسبحة موسى عبد الرب التي سبَح بها في يوم الخلاص المشهور. فالأنبياء عاشوا يجترُّون بفرح صنيع الرب، ويتوقّعون خلاصه كما في القديم. فإشعياء يستعطِف الربُّ قائلاً: «اِسْتَيْقِظِي، اسْتَيْقِظِي! الْبَسِي قُوَّةً يَا ذِرَاعَ الرَّبِّ! أَلَسْتِ أَنْتِ هِيَ الْمُنَشِّفَةَ الْبَحْرَ» (51: 9، 10). هي هي بعينها، بذات القوّة والجبروت، يسوع المسيح هو هو أمس واليوم وإلى الأبد.
وها باروخ النبي في تسبحته، وكأنّ نفسه في هذه الليلة تَرفَع ذات الصلاة التي للخلاص متوجِّهة نحو المسيح القادر، إله إسرائيل الذي أخرج شعبه من أرض مصر بيدٍ قويّة بآيات وعجائب وقوّة عظيمة وذراع رفيعة.
فمِن جهتِنا أخطأنا وعملنا نفاقًا وظَلَمْنا.. مِن نحوِنا فنحن التراب، كما كان وهكذا كائن.. الإنسان الساقط هو هو بذات الضعف والعجز، ساقط تحت نير الخطايا «لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ» (رو3: 12). فماذا يُتَوَقّع من طبيعة ساقطة؟ ماذا تستطيع أن تُقَدِّم لله سوى ثمر المرارة.
أمّا مِن جِهة الله، فهو المُخَلِّص بيد قويّة وذراع رفيعة كما في أيام موسى، كما في أيام القِدَم، كذلك بالأكثر الآن.
وصلاة باروخ زمنيًّا كانت مِن أجل نجاة المَسبيِّين، ولكنها في بُعدها النبوي كانت من أجل أسرى الرجاء المسبيِّين، ليس في بابل بل في سِجن الجحيم، الذين كانوا ينتظرون المسيّا بصبرٍ ويتوقّعون خلاصه بسكوتٍ.
~~~~~~~~~
تسبحة🎺 إيليّا النبي (صلاة الغِيرة الناريّة وصلاة الذبيحة والتوبة)
إيليّا.. هذا النبي الغيور الناري، لم تفارق النار المتأجِّجة حياته بل رافقت مسيرته كلّ الطريق، وهي نار الله، نار الروح القدس.. إلهنا نار آكلة، فهي من جِهة تَحرِق الشرّ وتبيد الأشرار (كما أكلَتْ قائديّ الخمسين وجنودهما الذين أرادوا الشرّ بإيليّا وتقدّموا إليه بكبرياء). ومِن جهة أخرى هي نار القبول والرضى عندما حلّت على الذبيحة التي بالماء. وأخيرًا صعد إيليّا في مركبات النار إلى السماء.
وتسبِحة إيليّا وصلاته عند إصعاد الذبيحة هي صلاة قصيرة ولكنّها ناريّة جدًّا، من عمق القلب، في موقِف حرِج جدًّا، وقاطِع جدًّا. فنار الغيرة الإلهيّة المتأجِّجة في قلب إيليا دفعَتْه أن يقف موقف الشهادة لله ضدّ فساد الجِيل كلّه، وانحراف الملك وراء إيزابل الشريرة، وأنبياء البعل كثيري العدد (850).
والموقف كلّه لحساب الله، ليَعلَم الجميع أنّ الربّ هو الإله الحقيقي وحدَه. والموقف أيضًا لحساب الإنسان الزائغ، لأنّها ساعة رجوع إلى الله وتوبة «حَوَّلْتَ قُلُوبَهُمْ رُجُوعًا» (1مل18: 37).
وهذه الصلاة🙏 التي استجابها الرب على الفور، وقبل الذبيحة الطاهرة بنزول النار من السماء. كلّ هذا كمل في المسيح يسوع حمل الله، الذبيحة الحقيقيّة التي رَفَعَت الغضب، واحتمَل العار مستهينًا بالخِزي. وحالما نزلت النار على الذبيحة، علامة القبول والرِضى، وانهزمت قوّات الشرّ وقُتِل أنبياء البعل عابدي الوثن، انتهتْ للحال أيام الغضب وسنين الجفاف وأزمنة الجوع.. بذبيحة المسيح انقضى زمان الغضب والجفاف والجوع الروحي، وهَطَلَتْ أمطار النعمة من السماء غزيرة كسَكْبِ الروح القدس الذي يُغني ويروي، يُشبِع ويُخَصِّب.
فلمّا رأى الشعبُ سقطوا على وجوههم وقالوا: «الرَّبُّ هُوَ اللهُ! الرَّبُّ هُوَ اللهُ!». ما أروعك أيتها الصلاة الحارّة، وما أسعدنا نحن المؤمنين بذبيحة الصليب وغِنَى النعمة المُذخَرَة لنا فيه.
لا رجوع إلى الله إلاّ بصليب ربنا يسوع المسيح.. ولا استحقاقَ للنعمة إلاّ بالمسيح يسوع ربنا.
~~~~~~~~~
صلاة🙏 داود النبيّ (صلاة التقدمة والعطاء)
حياة داود النبي كلّها صلاة «أَمَّا أَنَا فَصَلاَةٌ» (مز109: 4)، «سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي النَّهَارِ سَبَّحْتُكَ عَلَى أَحْكَامِ عَدْلِكَ» (مز114: 164)، «فِي مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ أَقُومُ لأَحْمَدَكَ عَلَى أَحْكَامِ بِرِّكَ (نهضت لأشكرك)» (مز119: 62)، «لَوْ لَمْ تَكُنْ شَرِيعَتُكَ لَذَّتِي، لَهَلَكْتُ حِينَئِذٍ فِي مَذَلَّتِي» (مز119: 92).
ولكنّ الكنيسة في هذه الليلة اختارت جزءًا من الصلاة التي صلاّها داود النبي في نهاية حياته، عندما جلس أمام الله يشكره، ويُعَدِّد أعمال الله العظيمة معه، ويقدِّم لله تقدمةَ شعبِهِ لبناء الهيكل. وهذه الصلاة نموذجٌ عالٍ للشكر والتسبيح، وهي المنهج الروحاني لصلاة تقديم العطايا لله، وتقريب قربان السرور.
فداود النبيّ الملك👑، جَلَسَ أمام الله في اتضاع عجيب يعترف أمام الله بمجدِه وإحساناته، ويَعترف بضعفه، وأنّ الربّ اختاره من وراء مربض الغنم. وأنّ الخير كلّه هو مصدره. وإن كان يعطي أو يقدم أو ينتدب، «...لأَنَّ مِنْكَ الْجَمِيعَ وَمِنْ يَدِكَ أَعْطَيْنَاكَ... لَكَ كُلَّ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ... وَالْغِنَى وَالْكَرَامَةُ مِنْ لَدُنْكَ» (1أخ29: 17).
فالكنيسة⛪ توجِّه النظر الآن.. نحو طلبة التقدِمة كيف تكون مقبولة، وكيف تحوز رِضى الله، ويقبل من أيدينا عندما نقدِّم. هي عينة من الطلبات التي سَرَّت الله في العهد القديم، وسجّلها الروح كصلاة🙏 نالت اعتبارًا عاليًا أمام القدير، وقَبِل أن يُبنَى البيتُ مِن هذه التقدمات التي هي رمز للمسكن الحقيقي الذي نصبه الربُّ لا إنسان، لأنّ الهيكل الجديد الذي أقامه المسيح هو جسده، وهو مُهَيّأ لا مِن عطايا ماديّة أو مواد بناء، بل مِن حجارة حيّة روحيّة، مَبنيّة على أساس الرسل والأنبياء ويسوع نفسه حجر الزاوية. وعندما نُقَدِّم هذه الحجارة للبناء، نُقدِّمها لله في يوم العماد ونصلٍّي قائلين: «الذين قَدَّموا لك بنيهم اقبلهم إليك على مذبحك الناطق السمائي» فيَقبل الربّ ويستجيب، لمجد اسمه وبنيان كنيسته المقدسة.
(يُتَّبَع)
سبت الفرح
-8-
تسبحة🎺 إرميا النبيّ (صلاة الدموع)
لقد حَمَلَ إرميا النبي أوجاع الشعب المنهوب في العهد القديم، وتوجّع بها حتى إلى أعماق نفسه، حتى قال: «قَلْبِي ، قَلْبِي! تُوجِعُنِي جُدْرَانُ قَلْبِي. يَئِنُّ فِيَّ قَلْبِي» (4: 19). وبكى إرميا بدموع غزيرة قَتلَى الخطيّة، وتمنّى لو كانت رأسه ماء وعيناه ينبوع دموع، ليبكي ليلاً ونهارًا «قَتْلَى بِنْتِ شَعْبِي». وهكذا صار إرميا النبي باكيًا عِوضًا عن الباكين، ومتألِّمًا بَدلاً من المتألّمين، الذين ما بكوا وما تألّموا، ولكن كَمَن لهم عيون ولا يُبصرون، ولهم آذان ولا يسمعون ولا يفهمون.
ولكن في كلّ هذه الأيام والدموع، كان إرميا نبيًّا للرجاء، ناظرًا ومتوقِّعًا وباحثًا عن وقت الخلاص، الذي كان يُزكِّيه الروح كلّما زادت الآلام، ويُظهِره في الضمير كلّما حبكت الظلمة الخارجيّة، كبزوغ الفجر بعد حلكة الظلام. فهو بتوسُّل الباكي ودالّة الدموع في عينيه يقول لله: «هَلْ كُلَّ الرَّفْضِ رَفَضْتَنَا؟» (5: 21)، والجواب التلقائي ببرهان الروح في القلب يقول: حاشا، بل فإنّه أمين في مواعيده، صادق في كلمته، وأنّ مجيئه أكيد وخلاصه سيُستَعلَن في حينه. بل في عتاب الأخِصَّاء يقول لماذا تنسانا إلى الأبد وتتركنا طول الأيام؟ أليس هذا هو صوت الذين كانوا في انتظار المُخَلِّص وهم في رِباط الظلمة؟ أليس هذا هو عينه كلام صلاة المُرَتِّل «إلى مَتَى يا رب تنساني إلى الانقضاء؟ حتى متى تصرف وجهك عنِّي إلى الدهر؟ إلى متى أردِّد هذه الأوجاع في قلبي النهار كلّه.. قُمْ يارب خلِّصني يا إلهي».
نَرَى أنّ الروح واحد، وأنّ الصراخ في كلّ أجيال الدهور واحد، وأنّ الشوق إلى الخلاص والحنين إليه صنعه الروح الواحد في كلّ أبرار جيلٍ فجيل. وها الرب يفدي نفوس عبيده بقُدرة صليبه وقوّة قيامته، مُنقِذًا كلّ الذين صار لهم هذا الرجاء الذي لا يُخزى.
~~~~~~~~~
تسبحة🎺 باروخ النبي (صلاة التوسل للرجوع من السبي)
الآية التي صنعها الرب للخلاص في أيام موسى هي آية الدهور كلّها، حتى في السماء فإنّ جموع المَفديِّين يترنّمون بتسبحة موسى عبد الرب التي سبَح بها في يوم الخلاص المشهور. فالأنبياء عاشوا يجترُّون بفرح صنيع الرب، ويتوقّعون خلاصه كما في القديم. فإشعياء يستعطِف الربُّ قائلاً: «اِسْتَيْقِظِي، اسْتَيْقِظِي! الْبَسِي قُوَّةً يَا ذِرَاعَ الرَّبِّ! أَلَسْتِ أَنْتِ هِيَ الْمُنَشِّفَةَ الْبَحْرَ» (51: 9، 10). هي هي بعينها، بذات القوّة والجبروت، يسوع المسيح هو هو أمس واليوم وإلى الأبد.
وها باروخ النبي في تسبحته، وكأنّ نفسه في هذه الليلة تَرفَع ذات الصلاة التي للخلاص متوجِّهة نحو المسيح القادر، إله إسرائيل الذي أخرج شعبه من أرض مصر بيدٍ قويّة بآيات وعجائب وقوّة عظيمة وذراع رفيعة.
فمِن جهتِنا أخطأنا وعملنا نفاقًا وظَلَمْنا.. مِن نحوِنا فنحن التراب، كما كان وهكذا كائن.. الإنسان الساقط هو هو بذات الضعف والعجز، ساقط تحت نير الخطايا «لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ» (رو3: 12). فماذا يُتَوَقّع من طبيعة ساقطة؟ ماذا تستطيع أن تُقَدِّم لله سوى ثمر المرارة.
أمّا مِن جِهة الله، فهو المُخَلِّص بيد قويّة وذراع رفيعة كما في أيام موسى، كما في أيام القِدَم، كذلك بالأكثر الآن.
وصلاة باروخ زمنيًّا كانت مِن أجل نجاة المَسبيِّين، ولكنها في بُعدها النبوي كانت من أجل أسرى الرجاء المسبيِّين، ليس في بابل بل في سِجن الجحيم، الذين كانوا ينتظرون المسيّا بصبرٍ ويتوقّعون خلاصه بسكوتٍ.
~~~~~~~~~
تسبحة🎺 إيليّا النبي (صلاة الغِيرة الناريّة وصلاة الذبيحة والتوبة)
إيليّا.. هذا النبي الغيور الناري، لم تفارق النار المتأجِّجة حياته بل رافقت مسيرته كلّ الطريق، وهي نار الله، نار الروح القدس.. إلهنا نار آكلة، فهي من جِهة تَحرِق الشرّ وتبيد الأشرار (كما أكلَتْ قائديّ الخمسين وجنودهما الذين أرادوا الشرّ بإيليّا وتقدّموا إليه بكبرياء). ومِن جهة أخرى هي نار القبول والرضى عندما حلّت على الذبيحة التي بالماء. وأخيرًا صعد إيليّا في مركبات النار إلى السماء.
وتسبِحة إيليّا وصلاته عند إصعاد الذبيحة هي صلاة قصيرة ولكنّها ناريّة جدًّا، من عمق القلب، في موقِف حرِج جدًّا، وقاطِع جدًّا. فنار الغيرة الإلهيّة المتأجِّجة في قلب إيليا دفعَتْه أن يقف موقف الشهادة لله ضدّ فساد الجِيل كلّه، وانحراف الملك وراء إيزابل الشريرة، وأنبياء البعل كثيري العدد (850).
والموقف كلّه لحساب الله، ليَعلَم الجميع أنّ الربّ هو الإله الحقيقي وحدَه. والموقف أيضًا لحساب الإنسان الزائغ، لأنّها ساعة رجوع إلى الله وتوبة «حَوَّلْتَ قُلُوبَهُمْ رُجُوعًا» (1مل18: 37).
وهذه الصلاة🙏 التي استجابها الرب على الفور، وقبل الذبيحة الطاهرة بنزول النار من السماء. كلّ هذا كمل في المسيح يسوع حمل الله، الذبيحة الحقيقيّة التي رَفَعَت الغضب، واحتمَل العار مستهينًا بالخِزي. وحالما نزلت النار على الذبيحة، علامة القبول والرِضى، وانهزمت قوّات الشرّ وقُتِل أنبياء البعل عابدي الوثن، انتهتْ للحال أيام الغضب وسنين الجفاف وأزمنة الجوع.. بذبيحة المسيح انقضى زمان الغضب والجفاف والجوع الروحي، وهَطَلَتْ أمطار النعمة من السماء غزيرة كسَكْبِ الروح القدس الذي يُغني ويروي، يُشبِع ويُخَصِّب.
فلمّا رأى الشعبُ سقطوا على وجوههم وقالوا: «الرَّبُّ هُوَ اللهُ! الرَّبُّ هُوَ اللهُ!». ما أروعك أيتها الصلاة الحارّة، وما أسعدنا نحن المؤمنين بذبيحة الصليب وغِنَى النعمة المُذخَرَة لنا فيه.
لا رجوع إلى الله إلاّ بصليب ربنا يسوع المسيح.. ولا استحقاقَ للنعمة إلاّ بالمسيح يسوع ربنا.
~~~~~~~~~
صلاة🙏 داود النبيّ (صلاة التقدمة والعطاء)
حياة داود النبي كلّها صلاة «أَمَّا أَنَا فَصَلاَةٌ» (مز109: 4)، «سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي النَّهَارِ سَبَّحْتُكَ عَلَى أَحْكَامِ عَدْلِكَ» (مز114: 164)، «فِي مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ أَقُومُ لأَحْمَدَكَ عَلَى أَحْكَامِ بِرِّكَ (نهضت لأشكرك)» (مز119: 62)، «لَوْ لَمْ تَكُنْ شَرِيعَتُكَ لَذَّتِي، لَهَلَكْتُ حِينَئِذٍ فِي مَذَلَّتِي» (مز119: 92).
ولكنّ الكنيسة في هذه الليلة اختارت جزءًا من الصلاة التي صلاّها داود النبي في نهاية حياته، عندما جلس أمام الله يشكره، ويُعَدِّد أعمال الله العظيمة معه، ويقدِّم لله تقدمةَ شعبِهِ لبناء الهيكل. وهذه الصلاة نموذجٌ عالٍ للشكر والتسبيح، وهي المنهج الروحاني لصلاة تقديم العطايا لله، وتقريب قربان السرور.
فداود النبيّ الملك👑، جَلَسَ أمام الله في اتضاع عجيب يعترف أمام الله بمجدِه وإحساناته، ويَعترف بضعفه، وأنّ الربّ اختاره من وراء مربض الغنم. وأنّ الخير كلّه هو مصدره. وإن كان يعطي أو يقدم أو ينتدب، «...لأَنَّ مِنْكَ الْجَمِيعَ وَمِنْ يَدِكَ أَعْطَيْنَاكَ... لَكَ كُلَّ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ... وَالْغِنَى وَالْكَرَامَةُ مِنْ لَدُنْكَ» (1أخ29: 17).
فالكنيسة⛪ توجِّه النظر الآن.. نحو طلبة التقدِمة كيف تكون مقبولة، وكيف تحوز رِضى الله، ويقبل من أيدينا عندما نقدِّم. هي عينة من الطلبات التي سَرَّت الله في العهد القديم، وسجّلها الروح كصلاة🙏 نالت اعتبارًا عاليًا أمام القدير، وقَبِل أن يُبنَى البيتُ مِن هذه التقدمات التي هي رمز للمسكن الحقيقي الذي نصبه الربُّ لا إنسان، لأنّ الهيكل الجديد الذي أقامه المسيح هو جسده، وهو مُهَيّأ لا مِن عطايا ماديّة أو مواد بناء، بل مِن حجارة حيّة روحيّة، مَبنيّة على أساس الرسل والأنبياء ويسوع نفسه حجر الزاوية. وعندما نُقَدِّم هذه الحجارة للبناء، نُقدِّمها لله في يوم العماد ونصلٍّي قائلين: «الذين قَدَّموا لك بنيهم اقبلهم إليك على مذبحك الناطق السمائي» فيَقبل الربّ ويستجيب، لمجد اسمه وبنيان كنيسته المقدسة.
(يُتَّبَع)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب تعليقك اذا كان لديك أى تسائل عن الموضوع وسنجيبك فور مشاهده تعليقك