السيدة العذراء تمثل النفس البشرية التى تمر بكل مراجل الجهاد فى الطريق الروحى حتى يتصور المسيح فيها ويولد منها وتتحد به فتحيا لا هى بل المسيح يحيا فيها . بالتالى لابد وأن يكون اهتمام الوحى الإلهى بذكر هذه الواقعة بالذات فى الكتاب المقدس دونا عن الاف الوقائع التى حدثت فى حياة العذراء له قيمة كبيرة فى أمر خلاصنا إذ يمثل محطة هامة من محطات طريق جهادنا
فالسيدة العذراء بعد كل ما احتملته من مشقة بدءا من شك يوسف فيها والام الولادة فى مذود بقر والهروب إلى مصر والعناية بيسوع الطفل لمدة اثنى عشر عاما لم يغب فيها لحظة عن عينيها يختفى عنها يسوع فجأة ! إذ صار وجودها فى حضرته سر فرحها ومنبع سلامها ومصدر أمانها فإذا بها فى لحظة من الزمان تلتفت حولها فلا تجده : " ولما لم يجداه " ( لو 45:2)
ليتك تخبرينى يا أمى عن سر الثلاثة أيام تلك . وترى من يخبرنى سواك وأنت قد جزت فيها مرتين : الأولى مع يوسف بعد اثنتى عشرة سنة من معيتك ليسوع والثانية مع التلاميذ والمريمات بعد موت ابنك وقبل قيامته ؟ خبرينى يا عذراء النشيد هل كنت تصرخين أثناءها بمرارة " نفسى خرجت عندما أدبر . طلبته فما وجدته .دعوته فما أجابنى " ( نش 6:5) ؟ خبرينى يا قيثارة داود بماذا أجابك عندما رثيته باكية : "متى أجئ واترائ قدام الله " ( مز 2:42) ؟
ترى يا أمى : أى نوع من العذاب هذا الذى عانيته لما غاب يسوع عن عينيك حتى أنك بمجرد أن وجدته صرحت إليه على الفور شاكية معاناتك ؟ هل هو عذاب تبكيت النفس ولومها طالما أن إنسانها العتيق هو لا محالة سبب احتجاجه عنها ؟ أم هو عذاب اللهفة والشوق للقاء محبوب عطشت إليه النفس فى أرض ناشفة ويابسة بلا ماء ؟ أم عذاب وجدان تثقل بعبثية وبطلان وجود يغيب عنه نور المسيح ؟ أم عذاب عقل يسلك بإيمان وليس بعيان ؟
هل استطاعت ذكريات كلمات الملاك وأليصابات والرعاة والمجوس وسمعان الشيخ وحنة النبية أن تمنحك تعزية وإيمانا ؟ هل استطعت أن تستبدلى حضوره الحقيقى بظل حضوره الموجود فى نبوات وعلامات ؟ هل قدر يوسف الذى عينته السماء لرعايتك والذى شارك عذاب وحيرة غياب ابنك عنك أن يمنحك أمانا وعزاء ؟
ليتك يا أمى إذ تجيبى أسئلتنا الحائرة تلك تكونى شفاعة وعونا ودليلا لكل من يجوز سر عذاب الثلاثة أيام هذا حتى إذا ما وجدناه كما وجدته أنت نرنم معك فرحين : " فأمسكته ولم أإرخة " ( نش 4:3)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب تعليقك اذا كان لديك أى تسائل عن الموضوع وسنجيبك فور مشاهده تعليقك