الصوم
ذبيحة حب يقدمها الإنسان لله، بحرية وليس فرضآ ،ويؤكد هذا قول السيد المسيح متى صمت... فقاموس المسيحية لا يحوى كلمة فرض أو فريضة
الصوم
وسيلة قوية جدا تجعل المؤمن قادرا على تقوية الإدراة الإنسانية الحرة، لكى تتقبل النفس عمل النعمة. النعمة الإلهية تعمل ،ولكن ليست بدون الإدارة الإنسانية لأن الله هو العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا من أجل المسرة (فى ١٣،١٢:٢). النعمة لا تعمل جزءآ والإرادة الإنسانية جزءآ اخر ،بل هما يعملان العمل كله بفعل واحد لا يتجزا، وكما أن النعمة لا تعمل دون الإرادة هأنذا واقف على الباب وأقرع. إن سمع أحد صوتى وفتح الباب، أدخل إليه وأتعشى معه وهو معى (رؤ٢٠:٣)، كذلك لا ينجح العمل بالارادة وحدها دون النعمة لأنكم بدونى لا تقدرون أن تفعلوا شيئآ (يو ٥:١٥)
الصوم وتقوية الإرادة
يقول القديس صفرونيوس : لقد اكتشف الإنسان أنه من الضرورى له أن يتعلم أن يضبط نفسه ،لكى يقتنى إرادة فاضلة تسعى نحو الأمور الحسنة اقتناء ثمار الروح القدس وتعلم الإنسان عبر أجيال كثيرة، ومن نظر العقل وحده، أن ضبط حركات الجسد وأهوائه، هو أمر ضرورى لا يمكن أن ينجح فيه إلا بالتخلى عن الأمور الزائلة والتقشف فى الملابس، والزهد فى الطعام الفاخر ،بل والإقلال من النوم، لا سيما الذين يشعرون بقوة الحياة أثناء فترات الشباب ،لأن الإنسان الذى يترك قيادة سفينة حياته إلى قوة وعواصف الأهواء، لا سيما الطعام والمال والشهرة ومحبة الكلام،لن ينتهى إلى ميناء سلام الله بالمرة، بل سوف يجد عواصف الخلافات والكراهية وحرارة نار المنافسة والمصاراعات حول الأمور الزائلة
لذلك يجب أن ننتبه لئلا يقف حد صومنا على الانقطاع على الطعام، الأمر الذى شبهه الآباء بالعامل الذى يرتدى ملابس مهنته لكى يعمل ،فإن وقف عند هذا الحد فأين العمل؟ هكذا من ينقطع عن الطعام ولا يصلى ولا يجاهد ،فهو انقطع عن الطعام دون غاية أو هدف روحى ،وبالتالى لا يجنى ثمرة صومه الذى هو حرية الإرادة
الإرادة وإضرام المواهب
المواهب هى عطايا الروح القدس للإنسان ،ولكن الروح لا يعمل فينا إلا بموجب إرادتنا الحرة، لذا يوصى معلمنا القديس بولس الرسول تلميذه تيموثيؤس قائلا : لا تهمل الموهبة التى فيك المعطاة لك بالنبوة مع وضع ايدى المشيخة
(١تى ١٤:٤) إنها مواهب مجانية مقدمة له من قبل الله، بلا فضل من جانبه، لكنه ملتزم أن يضرمها بالعمل والجهاد حتى لا تذبل فيه ،فيدان أمام الله من وهبه إياها، وكما يقول القديس يوحنا الذهبى الفم : كما تحتاج النار إلى وقود، هكذا تتطلب النعمة نشاطنا لكى تكون دائمة الحرارة ،أى نعمة الروح التى تقبلتها لكى تدبر الكنيسة وتعمل المعجزات وتقوم بكل خدمة. ففى مقدورنا أن نلهب هذه النعمة أو نطفئها ،لهذا يقول فى موضع
آخر : لا تطفئوا الروح (١ تس ١٩:٥) فبالخمول والإهمال تنطفئ ،وبالسهر والاجتهاد تشتعل. حقا إن الموهبة فيك ،فلتلهبها أى املأها ثقة وفرحآ وبهجة ،وكن رجلآ
وحيث أن الصوم وسيلة لتقوية الإرادة الإنسانية، فهو بذلك الوقت المناسب لإضرام مواهب الروح القدس لذلك علينا أن نستغل فرصة الصوم المقدس ونتجر بوزناتنا ونضرمها بالصلاة والقراءات والتدريبات الروحية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب تعليقك اذا كان لديك أى تسائل عن الموضوع وسنجيبك فور مشاهده تعليقك