حياة القديس يسطس الرهبانية فى برية شيهيت

١_رهبنة القديس يسطس:

ولما ذاعت فضائلة ورأوه يمارس عباداته بنسك عظيم،قال الشيوخ لقد أقام الله ابنا عظيما للأنبا صموئيل مملوءآ من كل نعمة ومن الفضائل والمواهب. فلما كملت له ستة أشهر ألبسوه الإسكيم وجعلوه راهبا، فازداد بالأكثر فى الجهاد والتعب وتقدم فى الزهد والنسك.

٢_اعتلال أسقف مدينته وشفاؤه بصلاة القديس:

حدث أن مرض أسقف المدينة التى نشأ منها القديس،يسطس ولم يستطع الأطباء أن يعالجوه. فلما سمع بخبر رجل الله 👨 القديس يسطس، ذهب إلى شيهيت لكى ينال الشفاء لأنه كان قد مكث مريضا مدة سنة كاملة تألم فيها كثيرا. وهناك جعلوه هو وبعض من تلاميذه فى قلاية. وظل راقدا مدة أسبوع اقترب فيه من الموت. فلما سمع الأخ يسطس فكر أن يذهب لكى يخدمه وينال بركته، ولكنه خاف أن يكشف أصله وغناه فيحصل على كرامات أرضية لا يحبها، فامتنع عن الذهاب.

فلما اقترب الأسقف من الموت ،أرسلوا إلى كل الإخوة ليأتوا ويأخذوا بركته قبل نياحته ،فأتى الجميع فيما عدا يسطس،وكان هذا بتدبير من الله، فلما رأى الأنبا صموئيل حضور جميع الإخوة ما عدا ابنه يسطس،أرسل له أحد الإخوة قائلا(أبوك يقول لك تعال يا ابنى) فأطاع وأتى وصنع ميطانية لأبيه قائلا "أنا لا أستحق هذه البركة يا أبى فلهذا لم آت مع الإخوة"

✝️ ثم اقترب الأخ يسطس من الأسقف وهو مشرف على الموت، وصنع له ميطانية قائلا:(اذكرنى فى صلاتك وبارك على يا أبى) فباركة الأسقف. فمسك القديس يسطس بيد الأسقف ليقبلها، وللوقت دبت فيه القوة وبرئ تماما من مرضه واستنارت عيناه وقام جالسا بكل قوة 💪 وعافية.

٣_الله يكشف شخصيته عن طريق الأسقف:

ففرح الأسقف جدا بالأخ يسطس ثم قال له:(بركة الله تشملك يا إبنى ،ويحعلك مزهرا فى أرض الصديقين)

إننى تحملت مشقة عظيمة حتى أنظر هذه اليد المقدسة فلم أنظرها إلا فى هذه الساعه، اقترب إلى أيها الجنس الشريف النسل الصالح،اقترب إلى ههنا يا جنس الملوك 👑 الذى حسبوه عبدا بينما هو سيد. 

يا أحبائي ،إنى أشهد لكم اليوم أننى قد أخبرت انه سوف يأتيتى إنسان من  مدينتى 🏙 يسمى "يسطس" ويقبل يدى فأشفى، ولأجل إظهار أمره أصبت بهذا المرض حتى أخبركم جميعا بسيرته العظيمة.

✝️"إن هذا حقا هو رجل الله الكامل منذ صغره"ثم نظر إلى القديس يسطس قائلآ له:(يا من نبع من أصل الأبرار لقد شابهت عصاة هرون التى أورقت ،أنت الغصن الذى أورق فى يد أرميا، أنت ياولدى قد أكملت وصية الإنجيل(ان كل من يترك بيتا أو إخوه أو أخوات....) هذه قد أكملتها من أجل السيد المسيح،فجعلك طبيبا تشفى المرضى، وصلاتك تبرئ السقماء أنت هو قاهر الشياطين مثل موسى الذى غلب ينيس ويمبريس (السحرة).

٤_القديس يبكى رافضا المديح:

ولما سمع القديس يسطس هذا الكلام، وقف باتضاع عظيم وصار يبكى بشدة. ولكن الأسقف أعلن للجميع:(انه من جنس الملوك، وكان له نياح كثير فى العالم 🌏 لأنه ابن وزير ملك ♚ أنطاكية، فلا تنظروا إلى ثيابه الحقيرة هذه، لأنه ترك قنطار  ذهب 🥇 وكثيرا من الفضة، غير العبيد والجوارى التى رفضها هو وأخته). ولكن القديس يسطس أخذ يقول له:(لست أنا ذاك الإنسان بل إنى عبد يا أبى القديس). 

٥_الأسقف يؤكد بهاء يسطس:

فلما رآهم الأسقف قد ارتابوا فى كلام 🗨 كل منهما، أعلن للجميع قائلا(إننى منذ مرضت، أتانى صوت من السماء قائلا إن لم يضع يسطس يده عليك، فلن تبرأ) فتعجبت لأننى كنت أظن أنه قد مات منذ زمان. 

✝️ورأيت بعد ذلك حلما حينما أتيت إلى الدير بأنه سوف يأتى إلى الأخ يسطس ويشفينى. فلما دنا منى شاهدت معه ملاكا 😇يعد خطواته ويعطيه الأجرة عنها أذ يمسك أطراف ثيابه ويقبله. وأشار إلى الملاك قائلآ:(أيها الأب الأسقف هو ذا الأخ يسطس قد جاء إليك ليشفيك) فتعجب! ¿

الإخوة جدا من هذا الكلام، ومن عظم اتضاع القديس يسطس. وفرح القديس الأنبا صموئيل وقال :(لقد نظر الله إلى تواضعى وحزنى وأرسل إلى عصا قوة لتسندنى فى شيخوختى. 

✝️ أما يسطس فقال للأسقف (يا أبتاه لقد نزعت اليوم عنى قوتى اليوم ومجدى لأننى حصلت على عظمة قلب ومجد بطال) 

فمضى الأسقف إلى مدينته متمتعا بكامل الصحة والعافية وهو يشيع خبر القديس يسطس الأنطاكى وعظم مواهبه. 

٦_تجربة الشياطين له(الشجرة) :

عاش القديس يسطس فى جبل 🗻 شيهيت بنسك عظيم، وكان كمعلمه يذهب إلى الوادى للخلوة والوحدة وليتنسك هناك باتضاع عظيم،فلم تحتمل الشياطين عباداته العظيمه ونسكه فكانت تفر هاربة منه بشكل غربان. 

✝️وذات يوم أتوا إليه فى شكل رهبان كأنهم إخوة جاءوا ليفتقدوه، وقالوا له:(أبوك صموئيل يسلم عليك، وأرسلنا إليك لتأتى من أجل أخ مريض هناك،وهو يشتهى أن ينظرك، ويقول لك أيضا ابحث فى الوادى عن شئ فيه نياح للمريض) فقال لهم القديس يسطس :(لايوجد هنا شئ فيه نياح). وكان الشياطين قد أعدوا خطة أن يصير أحدهم كمثل شجرة 🌳 موسقة ثمرا، ويصعدوه عليها ثم يطرحوه أرضا فيموت. 

فساروا معه وأخذوا يتلاهون به، فلما ظهرت أمامهم الشجرة ،قالوا للقديس:(هذة الشجرة علم أبوك أنها مغروسة ههنا ومملوءة ثمارآ). فرآها حسنة جدا وشهية للنظر،فتعجب القديس وقال:(منذ أتيت إلى هنا لم أرى أشجارا إلا اليوم، فبحق قد علم أبى أنها ههنا فأرسل إلى لأجلها). فقال له واحد من الشياطين :(ألعلك لا تعلم إلى اليوم أن أباك أنبا صموئيل شبيه بملاك على الأرض) فأجابه القديس يسطس قائلا:(فلتكن موهبته وبركته معى. آمين). 

وأخذوا يلحون عليه أن يصعد على الشجرة،ويستعطفونه كأنهم مرضى هم أيضا ويحتاجون إلى قليل من الثمار. وأما هو فقال لهم:(إنى لم أصعد قط على شجرة 🌳 لكى آخذ من ثمرها) 

فقالوا له:(هذه وصية أبيك ويجب أن تطيعه لأنه مكتوب (الطاعة أفضل من تقديم ذبيحة) 

وأظهروا له الشجرة  كأنها قصيرة، فلما بدأ يصعد عليها أخذت تطول جدا، فخاف القديس وعلم أنها حرب من الشياطين ،فصلى بحرارة من كل قلبه❤️. 

أما هم فقالوا له:(لقد وقعت اليوم فى أيدينا يا يسطس لننتقم منك،فهذا هو موضع موتك). ثم أسقطوه على الأرض، ولكن إلهنا الصالح الحنون حفظه، فلم ينله أى أذى مطلقا. 

٧_الشياطين يحاولون خداع الأنبا صموئيل:

ثم ذهبت الشياطين إلى أبيه الأنبا صموئيل فى شكل رهبان أيضا ،وكانوا كأنهم يبكون وثيابهم ممزقة، وقالوا للقديس:(لماذا أنت جالس وقد مات ابنك يسطس أسوأ ميته) ولكن الأنبا صموئيل عرف مباشرة أنهم شياطين ،فقام وضرب بعكازن على رأس واحد منهم، وطردهم قائلا لهم(يا أولاد الضلالة وفعلة الإثم ،فليمح الله اسمكم من تحت السماء) فانصرفوا للوقت بخزى عظيم ،وكان يطردهم بعكازه، لأن قوة الله كانت تسنده.

فلما ابتعدوا عنه قليلا، وضعوا ترابا فوق رؤسهم وصرخوا قائلين:(لقد جعلناك اليوم بغير ولد لأننا قتلنا يسطس الأنطاكى الذى تفتخر به، ولن نكف عن محاربتك إلى آخر نسمة من حياتك لكى تكف عن المجئ إلى هذا الجبل وتتعبنا، لقد قطعنا غصنك اليوم، هو ذا أصلك قد قلعناه اليوم فلن يعود يثمر أبدا،فنحن نعلم يا صموئيل أن من ليس له ولد ليس له أصل).

٨_الله ينقذ يسطس:

فقام القديس فعلا وذهب إلى الوادى للاطمئنان على ابنه يسطس ،فظلت الشياطين تتعبه صارخة(لقد مات يسطس ولدك. فلماذا تسعى عبثا يا صموئيل؟) فلما وصل عند القديس يسطس وجده نائما فى ظل شجرة 🌳، فظن انه مات حقا، فبكى وأخذ يصلى ملقيا بنفسه على تلميذه بحزن شديد. فقام حالآ القديس يسطس لأنه لم يلحقه شر إذ قد حفظته قوة 💪 المسيح، ففرح الأنبا صموئيل ،وسجد لله شاكرا إياه. ثم قال لتلميذه:(لقد خلصك الله ياولدى من هلاك الشياطين) فأجابه القديس يسطس قائلا (يا أبى القديس،إن روح الرب ومعونة صلاتك هما اللذان حاربا عنى وسترانى) ومشى كلاهما معا يسبحان الله الذى أعانهما وحفظهما، فلما رأت الشياطين أن يسطس ما زال حيا هربوا من أمامهما، وكانوا يقولون (ألعلك حى إلى اليوم يايسطس، ونحن ظننا أنك مت وهيأنا لك قبرا. فطردهم الأنبا صموئيل بعكازه فصاروا كسحابة نار واختفوا.

٩_احتمال القديس لعذابات البربر:

لم يمض وقت طويل حتى أثارت الشياطين حربا جديدة على القديسين الأنبا صموئيل وتلميذه يسطس. فحدث أنه بينما كان قوم من البرابرة مجتازين تلك النواحى ليسلبوا وينعبوا كل من وجوده أمامهم. ظهرت الشياطين للبربر فى شكل رهبان واشتكوا خادمى المسيح لأولئك المتوحشين قلئلين :(إن هذين أموال الأخوة ،ولذلك هم أتيا إلى هذا الموضع لكى يهربا بأموال الدير. فإن وجدتموهما عذبوهما كثيرا حتى يظهرا لكم موضع أموال الرهبان.

وأشارت الشياطين _التى تأخذ شكل الرهبان _إلى موضع القديسن الأنبا صموئيل والأنبا يسطس، وللوقت اختفوا عن الانظار. أما هؤلاء الشرسين ،فامسكوا بهما وأذاقوهما مر العذاب. فكانوا تارة يجذبونهما بالمخالب ويضربونهما، وتارة يضربونهما بالسياط، وأحيانا يربطونهما بالخيل لتجرهما على الصخور،ومرة أخرى يلقونهما فى حفرة عميقة ،ومن كثرة العذابات والضرب على وجهيهما، كادت أعينهما تنقلع. ولما لم يجد البربر عندهما أموالا أرادوا دفنهما أحياء تحت الحجارة. ولكن الله الحنون لم يسمح لهم بذلك،بل جعل أحد البربر يثنيهم عن عزمهم. وأخيرا سكبوا عليهما زيتا وأشعلوا فيهما النار حتى احترقت جلودهما، فحنن الله قلب أحد البربر فأخرجهما من النار،وتركوهما قريبين من الموت ومضوا.

١٠_الله يرسل ملاكه لشفائهما:

فمكث القديسان على هذه الحال الصعبة ثلاثة أيام دون أن يعلم بأمرهما أحد من الإخوة الرهبان. فلما رأى الله صبرهما، أرسل ملاكه فقواهما وشفاهما وأبرأهما من أوجاعهما،ثم قال لهما الملاك(إن السيد المسيح نظر إلى جهادكما فأرسلنى لأقويكما لكى تكملا سعيكما، فاعلما أنكما يجب أن تتمما بعض جهادكما فى جبل 🗻 شيهيت ثم تذهبا لتكملا جهادكما فى جبل البهنسا،وستأت بعض التجارب على الأخ يسطس من البربر ولكن السيد المسيح الذى أحبه ❤️سيحرسه فى كل شدائده لأنه ابن الصبر

ولما قال لهما الملاك هذا الكلام، أعطاهما السلام وصعد إلى السموات. ١

١١_شفاء أحد الأراخنة بصلوات القديس:

حدث لما مضى أسقف ♝ المدينة الذى شفى من قبل يسطس، أنه أذاع خبره فى المدينة كلها. وذات يوم مرض أحد الأراخنة ويدعى (دكران) وهذا كان صديقا لوالد يسطس وجليسا للملك، وقد تعلم يسطس مع أولاده.

✝️فلما مرض هذا الأرخن، جاء إلى الأسقف طالبا الشفاء بصلواته، فأشار عليه الأسقف بالذهاب إلى شيهيت حيث القديس يسطس صاحب موهبة الشفاء ولكنه طلب بإصرار وبإيمان من الأب للأسقف قائلا(الرب يقول :بحسب إيمانك يكون لك وأنا أؤمن بالرب يسوع أنه بصلوات قديسه يسطس وبصلواتك يتم لى الشفاء) فلما وضع الأسقف يده عليه ليصلى له، وجد يدا أخرى عطرة جدا لشخص أخر غير مرئي موضوعة علية ،وهكذا نال الشفاء من جميع أوجاعه.

١٢_الأرخن يذهب إلى شيهيت طالبآ القديس:

فلما أدركت نعمة الشفاء الرئيس دكران ،قام وذهب إلى شيهيت ليتبارك من الأباء الشيوخ،وينظر وجه القديس يسطس ويأخذ بركته ثم يعود. ولما مكث مدة ولم ينظره أخذ يسأل عنه، فأعلموه أنه مع أبيه الأنبا صموئيل فى الجبل فمضى إليهما.

✝️فلما نظره القديس يسطس من بعيد عرفه وتذكر أنه من مدينته، وأنه كان يتعلم مع أبنائه ،وأن أباه كان يحاول تزويجه بابنة هذا الرجل. ولذلك خشى أن يعرفه ويعود به إلى مدينته، ولكن لم يجد مفرا من مقابلته. 

✝️فلما رآهما الرئيس نزل عن دابته وسجد لله ولهما ،وقبل قدمى القديس يسطس ،وقال له(لقد استخققت الآن أن أنظر إنسانا حال فيه المسيح، وأشكرك لأنك أتيت بالروح وشفيتنى، ولذلك يدعوك الملك ان تزوره فى قصرة، فيها بنا ولم يكن الأب الأسقف قد أخبره"دكران" هذا، أن القديس يسطس هو ابن أنودولاوس صديقه وجليس الملك السابق، فلما سمع القديس يسطس هذه الدعوة حزن جدا.

✝️وعندما رقد ذلك الرئيس فى تلك الليلة،أبصر رؤيا وإذا بصلوات جميع الآباء صاعدة مثل إكليل بهى صاعدآ إلى الله من أجل نقاوتهم. ورأى فى وسط الإكليل عمودا على شكل صليب ➕ مضئ وعليه اسم مكتوب "يسطس" وهذا حق لأنه حمل صليب ➕ السيد المسيح وتبعه بكل قلبه.

فقام الرئيس وأعلن الرؤيا لجميع الحاضرين فتعجبوا،وأما يسطس فبكى بشدة. 

١٣_هروب القديس من الدير:

فكر القديس فى نفسه انهم قد يأخذونه قهرا إلى قصر 💒 الملك 👑وخشى انه إذا ذهب إلى مدينته يرى ويتذكر المقتنيات والأموال والممتلكات التى كانت له فتجذب أفكاره إلى محبة العالم 🌏. وقال فى نفسه:(إذا فعلت هذا فسأكون ملامآ ومفضوحآ أمام منبر المسيح، وسأجلب تجربة على الإخوة الرهبان ههنا، ويضيع تعب رهبنتى باطلا وأخسر الجعالة العليا) فقام ليلا وهرب من ذلك المكان.