كلمات روحيّة للحياة
سبت الفرح
-7-
صلاة 🙏حَنَّة أمّ صموئيل (صلاة الإيمان)
كانت حَنّة أمّ صموئيل عاقرًا، أي مَيِّتَة، بحسب طبيعة جسدها الذي لا يستطيع أن ينجِب. ولكنّها حصلَتْ على حياة، وأخذَتْ قُدرَة على إنشاء نسل، واعتُبِرَ لها هذا عربون قيامة، وبالإيمان بكلمة قالها رئيس الكهنة، سُمِعَ لها واستجاب الإله القادر على الإقامة من الأموات أيضًا. ولكن حَنَّة نالت هذه النعمة بالصلاة والتضرُّع وسَكْبِ النفس بمرارة قدّام الله، فتحوَّل حزنها إلى فرح.
هذه عيِّنة للنفوس التي نالت عربون القيامة، وسجّل الروح تسبحتها كنموذج حيّ لقوّة الإيمان وثقة الرجاء بالله.
~~~~~~~~~
صلاة 🙏حَبَقُوق النبيّ (صلاة الانتظار)
بدأ حَبَقُوق النبي نبوّته ورؤياه بسؤاله الشهير، الذي كان لسان حال كلّ إنسان في العهد القديم بسبب الخطيّة الحاجِزة، وبسبب سقوط الإنسان وانحجاب وجه الله.. هذه الخصومة التي طالَما عَذَّبَتْ أنفُس الصدِّيقين في أجيال العهد القديم، لذلك بدأ حَبَقوق بلسان الجميع يقول في مَطلَع نبوّته: «حَتَّى مَتَى يَا رَبُّ أَدْعُو وَأَنْتَ لاَ تَسْمَعُ؟ أَصْرُخُ إِلَيْكَ مِنَ الظُّلْمِ وَأَنْتَ لاَ تُخَلِّصُ؟».
ولكنه كنبيّ القدير، صاحب عين ورؤيا، وبصيرة روحيّة يقول: «عَلَى مَرْصَدِي أَقِفُ، وَعَلَى الْحِصْنِ أَنْتَصِبُ، وَأُرَاقِبُ لأَرَى مَاذَا يَقُولُ لِي، وَمَاذَا أُجِيبُ عَنْ شَكْوَايَ» (2: 1). فيُعلَن له أنّ البار بالإيمان يحيا (ص2) وأنّ الأرض ستمتلئ مِن معرفة مجد الرب (ص2). فيرتَفِع قلبه بتسبيح الصلاة والرجاء بقيامة الربّ وقوّة محبّته المُخلِّصة.
وبِمِثل هذه الصلاة يُقَال في هذه الليلة أنّ الرب سمع وأصغى واستجاب. وعندما أتى الزمان أكمل الربّ قوله، وأحيا عملَه في وسط السنين.
~~~~~~~~~
صلاة🙏 يونان النبي (صلاة النجاة)
«كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال، هكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي قَلْب الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال» (مت12: 40).
وقصّة يونان هي قصّة الموت والقيامة. وكرازة يونان المُخَلِّصة التي خَلَّصت مدينة نينوى من الموت والهلاك، كانت كرازة مَن قام من الأموات. وصلاة يونان هي صلاة البشريّة كلّها وهي في قبضة الموت. ولكنّها صلاة كلّها رجاء في الحياة والخلاص، ونَظَر هيكل قُدسِ الله.
صرخات يونان في بطن الحوت أيضًا هي بعينِها صرخات النفوس المقبوض عليها في الجحيم «فلتُصعِد من الفساد حياتي أيها الرب إلهي».
~~~~~~~~~
صلاة 🙏حَزَقِيَّا المَلِك (صلاة الشفاء)
مَرِضَ حَزَقِيَّا للموت، وأرسل الرب إليه إشعياء النبي يقول له: «هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ أَوْصِ بَيْتَكَ لأَنَّكَ تَمُوتُ وَلاَ تَعِيشُ» (إش38: 1). فحوّل وجهه إلى الحائط، وبكى متوسِّلاً بهذه الصلاة، مُتّضِعًا إلى التراب. فعاد الربُّ وأرسل إليه النبيّ ليبشّره بأنّه أضاف إلى عمرِهِ 15 سنة.
فهي قصّة شفاء مِن ظِلّ الموت.. وزيادة العمر. المسيح أضاف إلى أعمارنا الزمنية.. أبديّته الخالدة، حُسِبَ إحسانٌ من الله أن يُضاف إلى عمره 15 سنة. ماذا نقارن هنا بما صنعه المسيح إذ أعطانا حياة أبديّة، بل أعطانا حياته الأبديّة!
هي أيضًا قصّة قيامة، وعربون الحياة ناله حَزَقِيَّا الملك بالصلاة والدموع والتضرُّع والاتضاع، فسُمِعَ له، وحُسِبَ مع زُمرَة المُخلَّصين.
~~~~~~~~~
صلاة🙏 مَنَسَّى المَلِك (صلاة التوبة والرجوع)
⬅️مقدّمة:
مَنَسَّى الملك هو ابن حَزَقِيّا الملك الذي أرضى الربّ في حياته، وأعاد إسرائيل إلى الرب إلهه، وعمل الفصح كما لم يُعمَل من أيّام سليمان بن داود، وأرجع لبيت الربّ والكهنة واللاويين مركزهم في قلب أورشليم وشعب الله.
أمّا مَنَسَّى فلمّا مَلَكَ على يهوذا، عمل الشرّ في عينيّ الربّ وأرجَعَ إسرائيل عن الربّ إلهه، وبنى المُرتفعات وعَبَدَ الأوثان وجندَ السماء، وعمل تماثيل الأوثان في بيت الربّ. وتفاءَل وعافَ واستخدم الجان وأصحاب التوابع، وكلّ ما هو غير مستقيم سار فيه. وانحرَفَ الشعب في أيّامه أكثر من الأمم الوثنيين (أخبار الأيام الثاني ص33).
فغضب عليه الربّ، وأرسل إليه رؤساء جيش ملك آشور، فأخذوا مَنَسّى بخزامة، وقيّدوه بسلاسل نحاس وذهبوا به إلى بابل، ولما تضايق طلب وجه الربّ إلهه، وتواضع جدًّا أمام إله آبائه. وصلّى إليه، فاستجاب له، وسمع تضرّعه ورَدَّه إلى أورشليم إلى مملكته، فعلم مَنَسَّى أنّ الربّ هو الله.
لقد أبرَزَ مَنَسَّى الملك في صلاته قوّة التوبة والرجوع إلى الله كأنّها فِعلاً قيامة من الأموات. وقد اقترب بالصلاة لمعرفة طبيعة الله الحنون، الطويل الروح، الكثير الرحمة، المُتأسِّف على شرّ البشر.
ثم أدرَكَ صلاح الله وكثرة رحمته. وكيف أعطى الله التوبة للخلاص، والرحمة في الرجوع. ثم ما أجمل ما نُطِق بفم هذا الملك البارّ، أنّ باب التوبة والرجوع جُعِلَ خصّيصًا من أجل الخُطاة وليس من أجل الأبرار. أي أنّه يُظهِر حاجة الخُطاة للمسيح أكثر من الصِّدِّيقين، كقول الرب يسوع نفسه «لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ» (مر2: 17).
وفي اتّضاع عجيب يضع نفسه أوّل الخُطاة، كمثل باقي القدّيسين الذين رأوا أنفسهم في نور الحقّ الإلهي، واكتشفوا عَوَزَهم وحاجتهم إلى الخلاص أكثر من كلّ أحد.
وتعبيرات الصلاة ولو أنّها قِيلَت في العهد القديم إلاّ أنّها إنجيليّة، كلّها نور واستعلان وقوّة ورجاء. يكفي أن نتأمّل القول: «أنت إله التائبين». حقًّا قال المُرَنِّم: «الربّ يقيم الساقطين، الرب يحلّ المقيّدين».
هذه عيّنة أُخرى عجيبة، نالت بالرجاء، قوّة القيامة. ولها مِن المسيح الإله ذراعه ليقيمها، إذ قد لصقَتْ بالتراب بالتوبة والانكسار والاتضاع القلبي. فرَدّه مرّة أخرى من السبي إلى المملكة.
هذه الليلة هي ليلة تَمَتُّع مثل هذه النفوس في المسيح، إذ تنال قوّة القيامة في مخلِّصنا الصالح، رجاء الدهور كلّها.
~~~~~~~~~
تسابيح🎺 إشَعياء النبيّ (تسبحة الرجاء)
إشعياء نبيّ الرجاء –النبيّ الإنجيلي- صاحب البصيرة الثاقبة، سَبَقَ أن رأى بعين النبوّة تدابير الخلاص، وكتب بالروح أشهى النبوّات وأدقّها، فكلمات إشعياء عن المسيح المتألِّم بأوصاف غاية في العُمق، والتعبير عن الآلام وصمت المسيح مثل شاةٍ تساقُ إلى الذبح، وجراحات المسيح التي بها شُفينا، وتأديب سلامنا الذي صار عليه، يقصّها إشعياء كَمَن عاصر الصليب وتبع المخلِّص المصلوب في أصحاح 53 من نبوّات وزمن المسيّا. وينابيع مياه الخلاص والفرح الأبدي، ونهر سلام ينابيع الروح القدس، ومواعيد المسيح المبارَك لكنيسته المجيدة، وعهد سلامِهِ الذي لا يتزعزع بل تتزعزع دونه الجبال والآكام.. وأشياء يَعسُر حصرُها.. كلّها لقَّنَها الروح القدس الناطق في الأنبياء، لقّنَها لإشعياء النبي فنَطَق بها ودوّنها بالروح من أجل خلاصنا.
وقد اختارت الكنيسة في هذه الليلة ثلاث عينات، من رَفْعِ القلب بالصلاة التي صَلاّها إشعياء، مُعَبِّرةً عن الرجاء في شخص المُخَلِّص، وشوق الأرواح القدّيسة لأزمنة الخلاص، كَمَن يترجّى إشراق الصباح.
صلاة 🙏إشعياء النبيّ الأولى:
مِن الليل روحي تُبَكِّر إليك يا الله.. أوامرك نور على الأرض
أيّها الرب إلهنا أعطِنا سلامك، لأنّك أعطيتنا كلّ شيء
أيّها الربّ إلهنا اقتَنِنَا يارب، وباسمِك نُسَمَّى
ذات الكلمات التي نَطَقَ بها المُرَنِّم، هي أرواح الصدّيقين التي لم تَخضَع لروح الظلمة، بل كانت تشتهي أن يُشرِق لها النور الحقيقي الذي هو المسيح يسوع ربنا. وهو يتوسَّل إلى الله من أجل السلام (الذي صنعه المسيح بالصليب قاتلاً العداوة به).
ما أعجب القول الذي يقوله إشعياء: «اقتَنِنا لك».. لقد بيعَت البشريّة كلّها ساقطة تحت سلطان الظلمة، والآن عندما غَلَب المسيح: اشترانا، ردّ سبينا، اقتنانا، صِرنا ملكًا له.
أمّا مِن جهة الاحتياج للخلاص، فما أبدع ما عبّر به الروح في أحشاء إشعياء، فنَطَق بإحكامٍ، واصِفًا حال بني البشر وعجزهم المطلق عن عمل الخلاص «حَبلْنا، طلقنا وولدنا ريحًا». فمهما عَصَرت البشريّة نفسها وعانت حتى آلام مخاض لعلّها تنجو، ولكن هيهات، فلا خلاص ولا نجاة إلاّ بشخص المسيح مخلّص العالم.
لذلك يعود النبي إشعياء في صلاته فيقول: إنّ بُشرَى الخلاص والكرازة بالمسيح هي هي القيامة من الأموات «تقوم الأموات ويقوم مَن في القبور، ويَفزَع الذين على الأرض لأنّ الفداء الذي مِن قِبَلك هو شفاء لهم».
تسبحة🎺 إشعياء النبيّ الثانية:
هذه تسبحة أرواح الصدّيقين المظلومين والمحبوسين، والمترجّين الخلاص.
«أيها الرب أمجدّك وأسبّح اسمك لأنّك صنعت أمورًا عجيبة، هَدَمتَ ارتفاع المتكبِّر، سحقتَ الشيطان، ووضعتَ تشامُخ الخطيّة، كسرتَ شوكتها، دستَ مملكة الموت. لك المجد يا ملك الحياة. لأجل ذلك يباركك الشعب المسكين، ومدن الناس المظلومين تباركك.. أرواح البشر المظلومة تباركك».
أمّا ما يفوق العقل، فهو قول إشعياء: «ابتُلِعَ الموت». وهو أيضًا ما ردّده هوشع النبي: «ابتُلِع الموتُ إلى غلبة.. أين شوكتك يا موت»، وأيضًا «ينزع الله كلّ دَمعة من كلّ وجه». لقد هَرَب الحزن ووجع القلب، وحَوَّل المسيح بموته ونزوله إلى الجحيم ليَفدِي نفوس عبيده، وبقيامته المجيدة، حوَّل حزنَنا إلى فرح، ويأسَنا إلى رجاءٍ لا يُخزَى، ومَسَح كلّ دمعة من على كلّ وجه.
وهذه التسبحة تدور حول هدم أسوار الخطيّة، وأسوار ارتفاع وكبرياء الشيطان، وتجبُّره وسيادته، ومملكة الظُّلم والظُّلمة.
تسبحة🎺 إشعياء النبي الثالثة (صلاة الاعتزاز بالخلاص):
هي في الواقع تكملة للتسبحة الثانية، أو الوجه الإيجابي لعَمل المسيح. فإن كانت التسبحة السابقة يتغنّى فيها إشعياء بهدم حصون الشيطان وسحقِهِ إلى التراب وإذلاله وزوال سلطانه، فهنا يترنّم إشعياء بالمدينة الحصينة، أورشليم الجديدة، مسكن الخلاص والسلام، أي كنيسة الله وملكوته التى اقتناها بدمه.
في ذلك اليوم يسبِّحون هذا التسبيح قائلين: «لنا مدينة حصينة».. أسوارها هي خلاص المسيح، أحاطها كحَدَقَة العين، على أسواركِ يا أورشليم أقمتُ حُرَّاسًا لا يسكتون كلّ النهار ولا كلّ الليل.. أسوارها تسابيح الخلاص مصنوعة بدم الحمل الذي قَطّر على أبواب الشعب في القديم، فعَبَرَ المُهلِك لمّا رآها. فنفوس الأبرار تتحصّن في حِصن الكنيسة كما في حِضن الآب، لا يجسُر أحد أن يقترب إليها. أمّا مملكة الشيطان المُنهدِمة فتدوسها أرجل الودعاء والمساكين بالروح.. بسلطان المسيح «هَا أَنَا أُعْطِيكُمْ سُلْطَانًا لِتَدُوسُوا الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ وَكُلَّ قُوَّةِ الْعَدُوِّ» (لو10: 19).
إلى اسمك وإلى ذِكرك شهوة النفس.. اسم الخلاص، اسم يسوع المسيح هو مُشتَهَى الأجيال وغاية نفوس الأبرار والصدّيقين في كلّ جيل.
(يُتَّبَع)
سبت الفرح
-7-
صلاة 🙏حَنَّة أمّ صموئيل (صلاة الإيمان)
كانت حَنّة أمّ صموئيل عاقرًا، أي مَيِّتَة، بحسب طبيعة جسدها الذي لا يستطيع أن ينجِب. ولكنّها حصلَتْ على حياة، وأخذَتْ قُدرَة على إنشاء نسل، واعتُبِرَ لها هذا عربون قيامة، وبالإيمان بكلمة قالها رئيس الكهنة، سُمِعَ لها واستجاب الإله القادر على الإقامة من الأموات أيضًا. ولكن حَنَّة نالت هذه النعمة بالصلاة والتضرُّع وسَكْبِ النفس بمرارة قدّام الله، فتحوَّل حزنها إلى فرح.
هذه عيِّنة للنفوس التي نالت عربون القيامة، وسجّل الروح تسبحتها كنموذج حيّ لقوّة الإيمان وثقة الرجاء بالله.
~~~~~~~~~
صلاة 🙏حَبَقُوق النبيّ (صلاة الانتظار)
بدأ حَبَقُوق النبي نبوّته ورؤياه بسؤاله الشهير، الذي كان لسان حال كلّ إنسان في العهد القديم بسبب الخطيّة الحاجِزة، وبسبب سقوط الإنسان وانحجاب وجه الله.. هذه الخصومة التي طالَما عَذَّبَتْ أنفُس الصدِّيقين في أجيال العهد القديم، لذلك بدأ حَبَقوق بلسان الجميع يقول في مَطلَع نبوّته: «حَتَّى مَتَى يَا رَبُّ أَدْعُو وَأَنْتَ لاَ تَسْمَعُ؟ أَصْرُخُ إِلَيْكَ مِنَ الظُّلْمِ وَأَنْتَ لاَ تُخَلِّصُ؟».
ولكنه كنبيّ القدير، صاحب عين ورؤيا، وبصيرة روحيّة يقول: «عَلَى مَرْصَدِي أَقِفُ، وَعَلَى الْحِصْنِ أَنْتَصِبُ، وَأُرَاقِبُ لأَرَى مَاذَا يَقُولُ لِي، وَمَاذَا أُجِيبُ عَنْ شَكْوَايَ» (2: 1). فيُعلَن له أنّ البار بالإيمان يحيا (ص2) وأنّ الأرض ستمتلئ مِن معرفة مجد الرب (ص2). فيرتَفِع قلبه بتسبيح الصلاة والرجاء بقيامة الربّ وقوّة محبّته المُخلِّصة.
وبِمِثل هذه الصلاة يُقَال في هذه الليلة أنّ الرب سمع وأصغى واستجاب. وعندما أتى الزمان أكمل الربّ قوله، وأحيا عملَه في وسط السنين.
~~~~~~~~~
صلاة🙏 يونان النبي (صلاة النجاة)
«كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال، هكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي قَلْب الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال» (مت12: 40).
وقصّة يونان هي قصّة الموت والقيامة. وكرازة يونان المُخَلِّصة التي خَلَّصت مدينة نينوى من الموت والهلاك، كانت كرازة مَن قام من الأموات. وصلاة يونان هي صلاة البشريّة كلّها وهي في قبضة الموت. ولكنّها صلاة كلّها رجاء في الحياة والخلاص، ونَظَر هيكل قُدسِ الله.
صرخات يونان في بطن الحوت أيضًا هي بعينِها صرخات النفوس المقبوض عليها في الجحيم «فلتُصعِد من الفساد حياتي أيها الرب إلهي».
~~~~~~~~~
صلاة 🙏حَزَقِيَّا المَلِك (صلاة الشفاء)
مَرِضَ حَزَقِيَّا للموت، وأرسل الرب إليه إشعياء النبي يقول له: «هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ أَوْصِ بَيْتَكَ لأَنَّكَ تَمُوتُ وَلاَ تَعِيشُ» (إش38: 1). فحوّل وجهه إلى الحائط، وبكى متوسِّلاً بهذه الصلاة، مُتّضِعًا إلى التراب. فعاد الربُّ وأرسل إليه النبيّ ليبشّره بأنّه أضاف إلى عمرِهِ 15 سنة.
فهي قصّة شفاء مِن ظِلّ الموت.. وزيادة العمر. المسيح أضاف إلى أعمارنا الزمنية.. أبديّته الخالدة، حُسِبَ إحسانٌ من الله أن يُضاف إلى عمره 15 سنة. ماذا نقارن هنا بما صنعه المسيح إذ أعطانا حياة أبديّة، بل أعطانا حياته الأبديّة!
هي أيضًا قصّة قيامة، وعربون الحياة ناله حَزَقِيَّا الملك بالصلاة والدموع والتضرُّع والاتضاع، فسُمِعَ له، وحُسِبَ مع زُمرَة المُخلَّصين.
~~~~~~~~~
صلاة🙏 مَنَسَّى المَلِك (صلاة التوبة والرجوع)
⬅️مقدّمة:
مَنَسَّى الملك هو ابن حَزَقِيّا الملك الذي أرضى الربّ في حياته، وأعاد إسرائيل إلى الرب إلهه، وعمل الفصح كما لم يُعمَل من أيّام سليمان بن داود، وأرجع لبيت الربّ والكهنة واللاويين مركزهم في قلب أورشليم وشعب الله.
أمّا مَنَسَّى فلمّا مَلَكَ على يهوذا، عمل الشرّ في عينيّ الربّ وأرجَعَ إسرائيل عن الربّ إلهه، وبنى المُرتفعات وعَبَدَ الأوثان وجندَ السماء، وعمل تماثيل الأوثان في بيت الربّ. وتفاءَل وعافَ واستخدم الجان وأصحاب التوابع، وكلّ ما هو غير مستقيم سار فيه. وانحرَفَ الشعب في أيّامه أكثر من الأمم الوثنيين (أخبار الأيام الثاني ص33).
فغضب عليه الربّ، وأرسل إليه رؤساء جيش ملك آشور، فأخذوا مَنَسّى بخزامة، وقيّدوه بسلاسل نحاس وذهبوا به إلى بابل، ولما تضايق طلب وجه الربّ إلهه، وتواضع جدًّا أمام إله آبائه. وصلّى إليه، فاستجاب له، وسمع تضرّعه ورَدَّه إلى أورشليم إلى مملكته، فعلم مَنَسَّى أنّ الربّ هو الله.
لقد أبرَزَ مَنَسَّى الملك في صلاته قوّة التوبة والرجوع إلى الله كأنّها فِعلاً قيامة من الأموات. وقد اقترب بالصلاة لمعرفة طبيعة الله الحنون، الطويل الروح، الكثير الرحمة، المُتأسِّف على شرّ البشر.
ثم أدرَكَ صلاح الله وكثرة رحمته. وكيف أعطى الله التوبة للخلاص، والرحمة في الرجوع. ثم ما أجمل ما نُطِق بفم هذا الملك البارّ، أنّ باب التوبة والرجوع جُعِلَ خصّيصًا من أجل الخُطاة وليس من أجل الأبرار. أي أنّه يُظهِر حاجة الخُطاة للمسيح أكثر من الصِّدِّيقين، كقول الرب يسوع نفسه «لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ» (مر2: 17).
وفي اتّضاع عجيب يضع نفسه أوّل الخُطاة، كمثل باقي القدّيسين الذين رأوا أنفسهم في نور الحقّ الإلهي، واكتشفوا عَوَزَهم وحاجتهم إلى الخلاص أكثر من كلّ أحد.
وتعبيرات الصلاة ولو أنّها قِيلَت في العهد القديم إلاّ أنّها إنجيليّة، كلّها نور واستعلان وقوّة ورجاء. يكفي أن نتأمّل القول: «أنت إله التائبين». حقًّا قال المُرَنِّم: «الربّ يقيم الساقطين، الرب يحلّ المقيّدين».
هذه عيّنة أُخرى عجيبة، نالت بالرجاء، قوّة القيامة. ولها مِن المسيح الإله ذراعه ليقيمها، إذ قد لصقَتْ بالتراب بالتوبة والانكسار والاتضاع القلبي. فرَدّه مرّة أخرى من السبي إلى المملكة.
هذه الليلة هي ليلة تَمَتُّع مثل هذه النفوس في المسيح، إذ تنال قوّة القيامة في مخلِّصنا الصالح، رجاء الدهور كلّها.
~~~~~~~~~
تسابيح🎺 إشَعياء النبيّ (تسبحة الرجاء)
إشعياء نبيّ الرجاء –النبيّ الإنجيلي- صاحب البصيرة الثاقبة، سَبَقَ أن رأى بعين النبوّة تدابير الخلاص، وكتب بالروح أشهى النبوّات وأدقّها، فكلمات إشعياء عن المسيح المتألِّم بأوصاف غاية في العُمق، والتعبير عن الآلام وصمت المسيح مثل شاةٍ تساقُ إلى الذبح، وجراحات المسيح التي بها شُفينا، وتأديب سلامنا الذي صار عليه، يقصّها إشعياء كَمَن عاصر الصليب وتبع المخلِّص المصلوب في أصحاح 53 من نبوّات وزمن المسيّا. وينابيع مياه الخلاص والفرح الأبدي، ونهر سلام ينابيع الروح القدس، ومواعيد المسيح المبارَك لكنيسته المجيدة، وعهد سلامِهِ الذي لا يتزعزع بل تتزعزع دونه الجبال والآكام.. وأشياء يَعسُر حصرُها.. كلّها لقَّنَها الروح القدس الناطق في الأنبياء، لقّنَها لإشعياء النبي فنَطَق بها ودوّنها بالروح من أجل خلاصنا.
وقد اختارت الكنيسة في هذه الليلة ثلاث عينات، من رَفْعِ القلب بالصلاة التي صَلاّها إشعياء، مُعَبِّرةً عن الرجاء في شخص المُخَلِّص، وشوق الأرواح القدّيسة لأزمنة الخلاص، كَمَن يترجّى إشراق الصباح.
صلاة 🙏إشعياء النبيّ الأولى:
مِن الليل روحي تُبَكِّر إليك يا الله.. أوامرك نور على الأرض
أيّها الرب إلهنا أعطِنا سلامك، لأنّك أعطيتنا كلّ شيء
أيّها الربّ إلهنا اقتَنِنَا يارب، وباسمِك نُسَمَّى
ذات الكلمات التي نَطَقَ بها المُرَنِّم، هي أرواح الصدّيقين التي لم تَخضَع لروح الظلمة، بل كانت تشتهي أن يُشرِق لها النور الحقيقي الذي هو المسيح يسوع ربنا. وهو يتوسَّل إلى الله من أجل السلام (الذي صنعه المسيح بالصليب قاتلاً العداوة به).
ما أعجب القول الذي يقوله إشعياء: «اقتَنِنا لك».. لقد بيعَت البشريّة كلّها ساقطة تحت سلطان الظلمة، والآن عندما غَلَب المسيح: اشترانا، ردّ سبينا، اقتنانا، صِرنا ملكًا له.
أمّا مِن جهة الاحتياج للخلاص، فما أبدع ما عبّر به الروح في أحشاء إشعياء، فنَطَق بإحكامٍ، واصِفًا حال بني البشر وعجزهم المطلق عن عمل الخلاص «حَبلْنا، طلقنا وولدنا ريحًا». فمهما عَصَرت البشريّة نفسها وعانت حتى آلام مخاض لعلّها تنجو، ولكن هيهات، فلا خلاص ولا نجاة إلاّ بشخص المسيح مخلّص العالم.
لذلك يعود النبي إشعياء في صلاته فيقول: إنّ بُشرَى الخلاص والكرازة بالمسيح هي هي القيامة من الأموات «تقوم الأموات ويقوم مَن في القبور، ويَفزَع الذين على الأرض لأنّ الفداء الذي مِن قِبَلك هو شفاء لهم».
تسبحة🎺 إشعياء النبيّ الثانية:
هذه تسبحة أرواح الصدّيقين المظلومين والمحبوسين، والمترجّين الخلاص.
«أيها الرب أمجدّك وأسبّح اسمك لأنّك صنعت أمورًا عجيبة، هَدَمتَ ارتفاع المتكبِّر، سحقتَ الشيطان، ووضعتَ تشامُخ الخطيّة، كسرتَ شوكتها، دستَ مملكة الموت. لك المجد يا ملك الحياة. لأجل ذلك يباركك الشعب المسكين، ومدن الناس المظلومين تباركك.. أرواح البشر المظلومة تباركك».
أمّا ما يفوق العقل، فهو قول إشعياء: «ابتُلِعَ الموت». وهو أيضًا ما ردّده هوشع النبي: «ابتُلِع الموتُ إلى غلبة.. أين شوكتك يا موت»، وأيضًا «ينزع الله كلّ دَمعة من كلّ وجه». لقد هَرَب الحزن ووجع القلب، وحَوَّل المسيح بموته ونزوله إلى الجحيم ليَفدِي نفوس عبيده، وبقيامته المجيدة، حوَّل حزنَنا إلى فرح، ويأسَنا إلى رجاءٍ لا يُخزَى، ومَسَح كلّ دمعة من على كلّ وجه.
وهذه التسبحة تدور حول هدم أسوار الخطيّة، وأسوار ارتفاع وكبرياء الشيطان، وتجبُّره وسيادته، ومملكة الظُّلم والظُّلمة.
تسبحة🎺 إشعياء النبي الثالثة (صلاة الاعتزاز بالخلاص):
هي في الواقع تكملة للتسبحة الثانية، أو الوجه الإيجابي لعَمل المسيح. فإن كانت التسبحة السابقة يتغنّى فيها إشعياء بهدم حصون الشيطان وسحقِهِ إلى التراب وإذلاله وزوال سلطانه، فهنا يترنّم إشعياء بالمدينة الحصينة، أورشليم الجديدة، مسكن الخلاص والسلام، أي كنيسة الله وملكوته التى اقتناها بدمه.
في ذلك اليوم يسبِّحون هذا التسبيح قائلين: «لنا مدينة حصينة».. أسوارها هي خلاص المسيح، أحاطها كحَدَقَة العين، على أسواركِ يا أورشليم أقمتُ حُرَّاسًا لا يسكتون كلّ النهار ولا كلّ الليل.. أسوارها تسابيح الخلاص مصنوعة بدم الحمل الذي قَطّر على أبواب الشعب في القديم، فعَبَرَ المُهلِك لمّا رآها. فنفوس الأبرار تتحصّن في حِصن الكنيسة كما في حِضن الآب، لا يجسُر أحد أن يقترب إليها. أمّا مملكة الشيطان المُنهدِمة فتدوسها أرجل الودعاء والمساكين بالروح.. بسلطان المسيح «هَا أَنَا أُعْطِيكُمْ سُلْطَانًا لِتَدُوسُوا الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ وَكُلَّ قُوَّةِ الْعَدُوِّ» (لو10: 19).
إلى اسمك وإلى ذِكرك شهوة النفس.. اسم الخلاص، اسم يسوع المسيح هو مُشتَهَى الأجيال وغاية نفوس الأبرار والصدّيقين في كلّ جيل.
(يُتَّبَع)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب تعليقك اذا كان لديك أى تسائل عن الموضوع وسنجيبك فور مشاهده تعليقك