2020/07/25

المسيح فى سفر المزامير

" كلها مجد ابنة الملك من داخل " 
                                      (مز44 (45) "13)



النفس التى نالت نعمة الميلاد الجديد وصارت ابنة للملك السمائى تمتلئ بالمجد اللائق بنعمة البنوة لله .إنها بنوة بالتبنى وبالنعمة ولكنها خليقة جديدة  تمنح النفس أن تلبس بر المسيح أى البر الممنوح من المسيح المخلص . مثلما يقول معلمنا بولس الرسول " كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح " (غل 27:3) . وأيضا قوله "إن كان أحد فى المسيح فهو خليقة جديدة (2 كو 17:5).
أن الروح القدس فى المعودية يختم الإنسان بختم البنوة أى يجعله على صورة الله ومثاله فى القداسة ومحبة الحق . هذا هو ختان القلب بالروح "وختان القلب بالروح لا بالكتاب هو الختان الذى مدحه ليس من الناس بل من الله "( رو 29:2 ) .لأننا فى المعودية ندفن ونقوم مع المسيح "عالمين هذا : أن إنساننا العتيق قد صلب معه ") رو 6:6) ." لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضا بقيامته"(رو5:6) . 

فلا عجب إذن أن يوجه الرسول هذه الوصية " نظير القدوس الذى دعاكم كونوا أنتم أيضا قديسين فى كل سيرة "( 1بط 15:1) . 
إن النفس المتشبهة بالمسيح تصير ممتلئة مجدا من داخل . أى فى الإنسان الباطن . لأن السيد المسيح يحذر تلاميذه من الرياء .ووبخ الفريسيين المرائين قائلا " أيها الفريسى الأعمى نق أولا داخل الكأس والصفحة لكى يكون خارجهما أيضا نقيا " (مت 26:23).
اهتم السيد المسيح جدا بالفضائل الخفية فى الإنسان الباطن وبصنع الخير فى الخفاء كنتيجة للعشرة القوية مع الله وبدافع من محبة الله والقريب . فالإنسان القديس "يحب الخير ويحب الغير " كما يقول مثلث  الرحمات قداسة البابا شنودة .
من الأمجاد الروحية الداخلية : الإتضاع والمسكنة بالروح وحرارة الروح ومحبة وصايا المسيح والفرح فى الضيقات والصبر والأحتمال وطول الأناة ومحبة الخير ومحبة البذل العطاء ومحبة الصلاة ومحبة التسبيح والصداقة مع الملائكة والاستنارة الروحية والامتلاء من الروح القدس وقوة الإيمان والاشتياق إلى الحياة السمائية والتأمل فى صفات الله الجميلة والعفة والصلاح والسلام والفرح الروحى والرجاء والسعى إلى ماهو قدام والتحرر من شهوات العالم وأمجاده والسهر الروحى واليقظة الروحية ومحاسبة النفس ولوم النفس والاتحاد بالمسيح والثبات فيه والتأمل فى الامه وفى محبته وفى أمجاد قيامته ووضوح الهدف والنمو الروحى المستمر .

عن النفس البشرية المتحدة بالمسيح وأمجادها الداخلية  قيل فى سفر نشيد الأنشاد "أختى العروس جنة مغلقة عين مقفلة ينبوع مختوم "(نش 12:4) .
كل ما ذكرناه عن أمجاد ابنة الملك الداخلية ينطبق أولا على السيدة القديسة العذراء مريم والدة الإله التى عاشت حياة الفقر الخارجى ولكنها كانت "كانت مجد ابنة الملك من داخل " ( مز 44(45) :13) .

الروح القدس حل عليها وطهرها وقدسها وملأها نعمة . وكانت ممتلئة نعمة عندما دخل إليها الملاك ليبشرها بالحبل المقدس . ولكنها إزدادت نعمة فوق نعمة . وصارت سماء ثانية جسمانية وعرشا للقدوس الذى ولد منها بحسب إنسانيته .
ألم تكن كلها مجد ابنة الملك من داخل وهى تحمل ابن الله الكلمة متجسدا منها وفى بطنها .والكاروبيم يظللون عليها مثل تابوت العهد. لذلك قال لها الملاك " الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك " (لو 35:1) . ونقول فى التسبيحة فى تذاكية يوم الأحد "كاروبا ذهب مصوران مظللان على الغطاء بأجنحتهما كل حين . يظللان على موضوع قدس الأقداس فى القبة الثانية . وأنت أيضا يا مريم ألوف ألوف وربوات ربوات يظللون عليك " 

ولكن ليس هذا فقط بل احتملت العذراء شك خطيبها القديس يوسف إلى أن اخبره ملاك الرب بالحقيقة أن " الذى حبل به فيها هو من الروح القدس " (مت 20:1) .واحتملت متاعب السفر فى أيام حملها الأخيرة من الناصرة إلى بيت لحم لأجل الاكتتاب لكونها هى وخطيبها من بيت داود وعشيرته .واحتملت أن تلد فى حظيرة الخراف والحملان لأن المولود منها هو حمل الله الذى يحمل خطية العالم وهو أيضا راعى الخراف العظيم . واحتملت رحلة الهروب إلى مصر والغربة والتجول فى أرض مصر طولا وعرضا ولعدة سنوات ورحلة العودة إلى الناصرة .واحتملت مسئولية كثيرة حتى خرج ابنها الوحيد من منزلها إلى نهر الأردن ليعتمد من يوحنا ومن نهر الأردن إلى جبل التجربة أربعين يوما فى البرية ولا تعلم عنه شيئا .

ثم جاء بقوة الروح إلى الجليل .ولم يكن له موضع يرتاح فيه إذ كان يجول فى كل مدينة وقرية يصنع خيرا ويشفى كل مرض فى الشعب ويعلم الجموع وتلاميذه ويوبخ المرائين ويطهر الهيكل ويتعرض لمؤامرات الذين لم تعجبهم تعاليمه وخدمته الساميه. واحتملت بعده عنها فى كثير من الأيام وواجهت الساعات العصيبة بعد القبض عليه ومحاكمته والحكم بموته وبصلبه وتنفيذ الحكم بعد أن احتمل جلدات كثيرة مزقت جسده المبارك .وكانت تقف بجوار صليبه حتى سلم الروح فى يدى الاب وتم إنزاله ووضعه فى القبر . وكانت تؤمن بقيامته فى اليوم الثالث كما قال هو عن نفسه وكما شهدت لها أليصابات بالروح القدس "فطوبى للتى امنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب "(لو 45:1) . وكان الملاك قد قال للعذراء القديسة مريم عن ابنها القدوس "ويعطيه الرب الإله كرسى داود أبيه .ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية " (لو 23:1 _33) .

ولأنها امنت أن يتم ذلك فلابد أنها امنت بقيامته وملكه الأبدى .
ماذا نقول عنك أيتها القديسة مريم والدة الإله وعن الأمجاد الداخلية التى ملات قلبك وروحك أيتها " الممتلئة مجداالعذراء كل حين "
كما نقول فى القداس الإلهى . فهوذا جميع الأجيال تطوبك فاذكرينا أيتها الشفيعة المؤتمنة أمام ربنا يسوع المسيح ليعيننا على خلاص أنفسنا . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك اذا كان لديك أى تسائل عن الموضوع وسنجيبك فور مشاهده تعليقك

إعلان1
إعلان2
إعلان3