2020/06/28

حكاية رجل جبار



بلدتنا كلها حكايات،بعضها حق وبعضها خيال.. وكلها عبر! فى بلدتى حكاية شهيرة عن رجل جبار، مات منذ سنين وحكايته باقية عبر السنين. يلهو الأطفال حول المعبد المتهدم، وحين يحل المساء 🌃 يجرون بعيدا

عندما كنت شابا أجلسنى أبى إلى جواره وقال
عندما كنت صغيرآ،أخذنى جدك من يدى وذهبنا إلى ساحة السجن حيث يطحن القمح 🌾. كنت خائفا، كان جدك صامتا حزينا.. السجن مكان مخيف يابنى، ولكن ما رأيته هناك كان أكثر فزعا وتقززا.. رأيت رجلا ضخما طويلا عريضا، عاريا حتى وسطه.. لوحته الشمس فزادت بنيته قوة.. وكان مقيدا بسلاسل نحاس،ومربوطا فى عارض خشبى إلى رحى الطحين.. يلف حول قائم ويطحن القمح

نظرت إلى وجهه فصرخت برعب واختبأت بين ذراعى جدك،وحين سمعنى الرجل زأر كأسد حبيس. كانت عيناه مجوفتين مقلوعتين،وثقبان أسودان غائران مكانهما.. وكان رأسه حليقا!

وعاد بى إلى البيت 🏠، وبدأ يحكى ،قال : أترى هذا الرجل.. كيف تراه؟

نسيت عينيه المقلوعتين وشعره الحليق.. وتذكرت.. سلاسله النحاسية وهو يدور كحيوان يطحن الغلال.. قلت أراه ذليلا
فوضع يده على كتفى وقال : لقد وفرت على النصيحة يا ابنى
سألته : ولكن ما حكايته ؟!
فقال: الرجل نعمة من الله على رجل وامراة لا ينجبان ،زرقا به بعد انتظار ،وعدهما الله به شرط أن يحفظ نفسه عن الخمر والسكر. علمته أمه فصار عظيما قويا عفيا. الحكايات عن قوته لا تنتهى ،محبوبا من أهله ،مخيفا لأعدائه ،وقاضيا يقود شعبنا بأكمله. وظلت قوته سرا خفيا،قوة ليست لبشر ولا من بشر!

إنما بقدر قوته بقدر صعفه! كان ضعيفا أمام النساء ،كل النساء ،يذهب عقله تماما أمامهن. وبقدر حكايات قوته،حكاياته مع النساء. توالت النساء وتوالت المصائب ،كلما انقذه الله من واحدة سقط فى أخرى ،إلى أن قابل دليلة.. عشق دليلة.. وكانت تعرف! فاشتراها أعداؤه بمال وفير.. قصص كثيرة سمعناها عن محاولاتها لتعرف سر قوته، وفى كبريائه كان يسخر منها. من يسخر من الشر؟!

ولكنها لا تيأس ،وهو لا يستفيق إلى أن باح بسره، قال : عهد قطعته مع الله ،أحفظ العهد فيحفظنى. نذر أن أطلق شعرى... إن قص شعرى غابت قوتى

أسرعت دليلة إلى الأعداء تخبرهم.. وفى الليل 🌃 احتضنت رأسه على ركبتيها فنام.. نام فى أحضان أعدائه! قصت شعره ،وذهبت قوته على ركبتى امرأة!!قيده أعداؤه فلم يستطع الهرب.. وفارقه الله! اقتلعوا عينيه فلم يعد يرى.. أوثقوه فلم يعد حرا.. قيدوه فى الرحى فأصبح عبدا ذليلا، لا يملك إلا صوته يزأر حينا.. يبكى حينا.. ويصلى كثيرا

ختم جدك حكايته حزينا.. كما بدأها حزينا : لا تظن يا ابنى ان دليلة هى من أوقع بالرجل.. أبدا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك اذا كان لديك أى تسائل عن الموضوع وسنجيبك فور مشاهده تعليقك

إعلان1
إعلان2
إعلان3